الحسين ، عن أبيه السيد الشهيد الحسين بن علي ، عن أبيه سيد الوصيين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهمالسلام قال : انّ رسول الله صلىاللهعليهوآله خطبنا ذات يوم فقال :
أيّها النّاس! انّه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرّحمة والمغفرة ، شهر هو عند الله أفضل الشهور ، وأيّامه أفضل الأيّام ، ولياليه أفضل الليالي ، وساعاته أفضل الساعات ، وهو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله ، وجعلتم فيه من أهل كرامة الله ، أنفاسكم فيه تسبيح ، ونومكم فيه عبادة ، وعملكم فيه مقبول ، ودعاؤكم فيه مستجاب ، فاسألوا الله ربّكم بنيّات صادقة وقلوب طاهرة ، ان يوفّقكم الله لصيامه وتلاوة كتابه ، فإنّ الشّقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم.
اذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه ، وتصدّقوا على فقرائكم ومساكينكم ، ووقّروا كباركم ، وارحموا صغاركم ، وصلوا أرحامكم ، واحفظوا ألسنتكم ، وغضّوا عمّا لا يحلّ النّظر إليه أبصاركم ، وعمّا لا يحلّ الاستماع إليه أسماعكم ، وتحنّنوا على أيتام النّاس يتحنّن على أيتامكم ، وتوبوا إلى الله من ذنوبكم ، وارفعوا إليه أيديكم بالدعاء في أوقات صلواتكم ، فإنّها أفضل السّاعات ، ينظر الله عزّ وجلّ فيها بالرّحمة إلى عباده ، ويجيبهم إذا ناجوه ، ويلبّيهم إذا نادوه ويستجيب لهم إذا دعوه.
أيّها النّاس! انّ أنفسكم مرهونة بأعمالكم ، ففكّوها باستغفاركم ، وظهوركم ثقيلة من أوزاركم ، فخفّفوا عنها (١) بطول سجودكم ، واعلموا انّ الله عزّ وجلّ ذكره اقسم بعزّته ان لا يعذّب المصلّين والساجدين ، وان لا يروعهم بالنّار ، (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ).
أيّها النّاس! من فطّر منكم صائما مؤمنا في هذا الشّهر كان له بذلك عند الله عتق رقبة ومغفرة لما مضى من ذنوبه ، فقيل : يا رسول الله وليس كلّنا نقدر على ذلك؟ فقال عليهالسلام : اتّقوا النار ولو بشقّ تمرة ، اتّقوا النار ولو بشربة من ماء.
أيّها النّاس! من حسّن منكم في هذا الشهر خلقه كان له جواز على الصراط يوم تزلّ فيه الاقدام ، ومن خفّف منكم في هذا الشّهر عمّا ملكت يمينه خفّف الله عليه حسابه ، ومن كفّ فيه شرّه كفّ الله عنه غضبه يوم يلقاه ، ومن أكرم فيه يتيما أكرمه
__________________
(١) فخففوها (خ ل).