الطّبع عن العبادة إلى عبادة الشّهوات ، ولا تشغلك الخلوة بالنساء تلك اللّيلة عن مقام من مقامات السّعادات ، وان قصرت بك ضعف الإرادة ، فاستعن بالله القادر على تقوية الضعيف وتأهيلك المقام التشريف.
فمن الرواية في ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر محمد بن بابويه رحمهالله من كتاب من لا يحضره الفقيه ، فقال ما هذا لفظه : وقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : يستحبّ للرّجل أن يأتي أهله أوّل ليلة من شهر رمضان. (١)
أقول : ولعلّ مراد صاحب الآداب من هذه الحال وتخصيص الإلمام بالنّساء قبل الدّخول في الصيام ، ليكون خاطر الإنسان في ابتداء شهر رمضان موفّرا على الإخلاص ومقام الاختصاص ، وطاهرا من وساوس الشّيطان.
أو لعلّ ذلك لأجل انّه كان محرّما في صدر الإسلام ، فيراد من العبد إظهار تحليله ونسخ تحريمه.
أو لعلّ المراد إحياء سنّة رسول الله صلىاللهعليهوآله بالنّكاح في أوّل ليلة من شهر الصيام.
ويمكن ذكر وجوه غير هذه الأقسام ، لكن هذا الّذي ذكرناه ربّما كان أقرب إلى الأفهام.
فصل (٢٦)
فيما نذكره ممّا يختم به كلّ ليلة من شهر رمضان
اعلم انّ حديث كلّ ضيف مع صاحب ضيافته ، وكلّ مستخفر بخفير ، فحديثه مع المقصود بخفارته ، وإذا كان الإنسان في شهر رمضان قد اتّخذ خفيرا وحاميا كما تقدّم التّنبّه عليه.
فينبغي كلّ ليلة بعد فراغ عمله ان يقصد بقلبه خفيره ومضيفه ، ويعرض عمله
__________________
(١) عنه البحار ٩٧ : ٣٤٨ ، رواه الصدوق في الفقيه ٢ : ١٧٣ الخصال ٢ : ٦١٢ ، رواه مع اختلاف الكليني في الكافي ٤ : ١٨٠ ، عنهم الوسائل ١٠ : ٣٥٠.