ومن قروح الأمعاء ومن الذرب والنشارة مرة تطبخ بالماء طبخا وبالشراب مرة بحسب ما تدعو إليه الحاجة والماء الذي تطبخ فيه النشارة ليس يستعمل في الحقن فقط بل يشرب أيضا وتشديدها أيضا أصول الشعر حتى لا ينتثر دليل على أن فيها شيئا من القبض يسيرا مع قوة تجفف تجفيفا معتدلا ، وقد قلنا في ذكر اللاذن أن كل دواء يشد أصول الشعر وييبسه تكون له هذه القوّة. لي : يصنع منه بالشام رب وخاصة بدمشق فينفع السعال وهو مجرّب في ذلك ، ومنه نوع يكون في الجبال ببلاد المشرق وخاصة بديار بكر يعرف عندهم بالكركياس ينبت بنفسه عفوا ويستعمل حبه لسعال الأطفال أكلا فينفعهم وغلب على ظني أن إياه أراد ديسقوريدوس في ترجمته لوطوس فتأمله. ديسقوريدوس : وطبيخ نشارة خشبه إذا طبخت وشربت واحتقن بها نفعت قرحة الأمعاء والنساء اللواتي يسيل من أرحامهن الرطوبات سيلانا مزمنا ويحمر الشعر ويمسك البطن المستطلقة. الشريف : إذا طبخت عروقه بالماء أرخت لعابية لزجة ، وإذا ضمد بها الأعضاء الصلبة الجاسية لينتها تليينا عجيبا ، وإذا طبخت هذه العروق بالماء مع النخالة وضمدت بها الأعضاء التي انكسرت ثم انجبرت على اعوجاج لينتها تليينا عجيبا ، وإذا طبخت هذه العروق بالماء وحدها طبخا جيدا وخضب بها الشعر الجعد لينته وسبطته ، وإذا ضمدت به الأدرة الصلبة ورجلا العليل معلقه أذهبها في ثلاثة أيام يعاود عليها كل يوم ذلك مرّة مجرّب.
ميعة : ديسقوريدوس في الأولى : صطفطي وهي الميعة السائلة وهي دسم المر الطري وتستخرج من المر بأن يدق بماء يسير ويعتصر بلولب وهي طيبة الرائحة جدا مشربة من الطيب وعلى انفرادها طيبة من غير أن يخالطها شيء آخر وأجودها ما لم يخالطه شيء من الأدهان وكان القليل منها عظيم القوة يسخن كإسخان المر والأدهان المسخنة. قال : وأما سطايلس ويقال له باليونانية مطركا وأهل الشام يسمونه الأصطرك وهو ضرب من الميعة وهو صمغ شجرة شبيهة بشجرة السفرجل وأجوده ما كان أشقر دسما شبيها بالراتينج في جسمه أجزاء لونها إلى البياض ما هي طيبة الرائحة يبقى زمانا طويلا ، وإذا فرك انبعثت منه رطوبة كأنها العسل وهو أجود ، والذي من البلاد التي يقال لها قسطانا على هذه الصفة ، والذي من البلاد التي يقال لها قمندبا والبلاد التي يقال لها قليقيا هما أيضا على هذه الصفة وما كان أسود هشا كالنخالة فإنه رديء وقد توجد صمغة شبيهة بالصمغ العربي صافية اللون رائحتها شبيهة برائحة المر وقلما توجد هذه الصمغة وقد يغشها قوم بأن يسحق من نشارة الخشب التي تكون الصمغة إذا تأكلت وتفتتت من الدود وأخلطت (١) بعسل أو بدخان وثفل الإيزسا وأشياء أخر ، ومن الناس من يطيب الشمع والشحم ويعجنه بالأصطرك في شمس حارة ويصفيه بمصفاة واسعة الثقب في ماء بارد ويصير شكله شكل الدود ويبيعه ويسميه سقوليقطس ، وقد يختاره الجهال على أنه فيما يظنون غير مغشوش ويجعلون محنته بقوة الرائحة فإن الذي منه غير مغشوش حادّ الرائحة جدا. ديسقوريدوس (٢) : شجرة الميعة شجرة جليلة لها خشب يشبه خشب شجرة التفاح ولها ثمرة بيضاء أكبر من الجوز يشبه عيون الأبيض من البقر ويؤكل ظاهرها وفيه مرارة وثمرتها التي داخل النوى دسمة يعصر منها دهن وقشر هذه الشجرة الميعة اليابسة ومنه يستخرج الميعة السائلة وصمغتها هو اللبني وهو ميعة الرهبان وهو صمغ أبيض شديد البياض وهو العبهر وهو لبني الرهبان. أبو جريج الراهب :
__________________
١) نخ بعسل وبدخان ثفل الخ.
٢) نخ موسى بن عمران.