في الأدوية المسهلة : (١) وماء اللبن مادّة موافقة لأن تخلط به الأدوية المسهلة إن خلط به الأدوية التي تستفرغ المرار الأصفر استفرغ مرة صفراء وإن خلط به الأدوية التي تستفرغ المرار الأسود استفرغ مرة سوداء وإن خلط به الأدوية التي تستفرغ البلغم استفرغ وإن خلط به الأدوية التي تستفرغ الماء استفرغ الماء الأصفر لأن اللبن قريب من طبيعة البدن وله قوّة يجلو بها ويغسل من غير تلذيع فوجب أن يقمع حدة الأدوية ويكسر من تلذيعها للأحشاء وإن يعين في إسهالها بقوّة مسهلة واستحالته إليها والأجود في خلطه معها أن يسحق وينفع فيه حتى يأخذ قوّتها ثم ينزع منه ويسقى ماء اللبن فإنه في هذه الحال يسهل الخلط المطلوب استفراغه بسهولة لا خوف معها على الأحشاء من نكاية الأدوية المسهلة التي يفعلها بالقوى الذاتية في إجرامها ولا عنف فيها لأن القوى المسهلة قد انكسرت حدتها برطوبته لأن المرار الأصفر والمرار الأسود مفرطا الحدّة والنكاية والمحمودة أيضا لها حدة عظيمة ، وكذا الأفتيمون وما جرى مجراهما فكان ماء اللبن عجيب النفع في استفراغ هذين الخليطين أما في المرار الأصفر فإنه ينفع فيه المحمودة وما قام مقامها وأما في المرار الأسود فبأن ينقع فيه ثمر أفتيمون أو ما قام مقامه وذلك إنّ ماء اللبن يحمل قوى هذه الأدوية ويوصلها إلى البدن فتستفرغ الأخلاط التي تستفرغها بلا حدة ولا حرارة قوية تعرض منها في الأمعاء والأحشاء والمعدة والماساريقا والكبد وتجاويف العروق وقد اختار بعض الأطباء إذا كان في شيء من الأحشاء مرار مجتمع أن يعطي قبل ماء اللبن شيئا من الصبر أو الأفسنتين أو الإهليلج الأصفر ليحرّك ذلك المرار الغليظ أعني : الذي قد غلظ بمخالطة البلغم ونحو ذلك لأنّ ماء اللبن أيضا إذا صار إلى الأحشاء التي هذا حالها لم يؤمن عليه أن يستحيل إلى طبيعة ذلك المرار الذي يخالطه فيها ، ولذلك ينبغي أن يعطي قبل أخذه ما يحرّك المرار إلى الإنحدار عن الأحشاء ، فإذا جاء بعده ماء اللبن وجده متهيأ للخروج والإنحدار فاحدر جميعه وأخرجه بالإسهال فهذه منافع اللبن في الإسهال. أمين الدولة بن التلميذ : وصفة عمل ماء الجبن في الربيع يتخذ من لبن المعز الفتية التي عهدها بالولادة نحو شهر وتختار الحمراء الزرقاء الفتية فإنها صنف جيد المزاج وتعلف قبل استعمال لبنها بأيام شعيرا مجروشا مبلولا مع نخالة وثيل وهندبا وشاهترج ثم يحلب رطلان من لبنها في كل يوم ويطبخ في طنجير حجر بنار هادئة ويحرّك بخشبة من خشب التين رطبة مأخوذ عنها لحاؤها مرضوضة يقصد بذلك أن تعلق بماء الجبن من اللبنية واليتوعية التي في الخشب الرطب قوة تعينه على الإسهال في رفق وقد يعتاض عنه بشجرة خلاف رطبة إذا لم يوجد خشب التين وكان يسقى ماء الجبن للترطيب دون الإسهال ويمسح حول القدر بخرقة مبلولة بماء عذب ، فإذا غلى اللبن فليترك الطنجير على ناره ويرش على اللبن الذي فيه ثلاثون درهما من السكنجبين الساذج السكري فربما رش معه ثلاثة دراهم من خل خمر صاف وليكن السكنجبين والخل باردين جدا يسرع إلقاؤهما لتتميز الجبنية من المائية ويحرّك بالعود المذكور ويترك هنيّة حتى يجمد وتتميز المائية ثم يصفى في خرقة كتان صفيقة أو زنبيل خوص صفيق النسج ويعلق حتى ينقطع سيلان ماء الجبن عنه وتبقى فيه الجبنية ويعاد الماء فيه إلى الطنجير بعد غسله ويغلي برفق ويلقى عليه نصف درهم من ملح دراني
__________________
١) نخ في مقالته في اللبن.