الدارين ـ المتمثّلة والمتبلورة في العبوديّة على اختلاف الأديان الحقّة بحسب كثرة موادّها وقلّتها ، وبحسب مراتبها في الكمال ومدارج الرقيّ والتعالي.
والإسلام دين الله القويم لمّا كان من شأنه التعرّض لجميع جهات وحقول الحياة الإنسانيّة ، بحيث لا يشذّ عنه شيء من شؤونها وتدبيرها ، يسيراً كان أو خطيراً ، فلذلك وسع الحياة أدباً وشملها خُلقاً ، ورسم في كلّ عمل هيئة حسنة تحاكي غايته ومقاصده.
وليس له غاية عامّة إلاّ توحيد الله سبحانه في مرحلتي الاعتقاد والعمل جميعاً ، فإنّ الحياة عقيدة وجهاد ، أي أن يعتقد الإنسان أنّ له إلهاً هو الذي منه بدء كلّ شيء ، وإليه يعود كلّ شيء ، له الأسماء الحسنى والصفات العليا ، ثمّ يجري في الحياة ويعيش بأعمال تحاكي بنفسها عبوديّته وعبوديّة كلّ شيء عنده لله الحقّ عزّوجلّ ، وبذلك يسري التوحيد في باطنه وظاهره ، في جوارحه وجوانحه ، في سيره وسيرته ، وتظهر حقيقة العبوديّة من أقواله وأفعاله وسائر أبعاد وجوده ظهوراً تامّاً لا حجاب عليه.
فالأدب الإلهي ـ أو الأدب النبويّ والولويّ ـ إنّما هي هيئة التوحيد الصادق في الفعل الناطق (١).
وطالب العلم أولى الناس برعاية الأخلاق الحسنة والآداب الإسلامية ، أي بتجلّي التوحيد الكامل في أفعاله وأحواله وأقواله.
__________________
١ ـ اقتباس من كتاب سيّدنا العلاّمة الطباطبائي (الميزان في تفسير القرآن ٦ : ٢٥٦ ، وللموضوع تتمّة قيّمة يتعرّض المصنّف فيها إلى آداب الأنبياء مع الله ومع الناس ، ثمّ أدب النبيّ الأكرم محمّد (صلى الله عليه وآله) ، فراجع فيه فوائد جمّة.