شيءٌ شاذٌّ أو يُخَافَ لَبْسٌ. فقَلْبُهما نحو : باع ، وقال ، أصلُهما : قَوَلَ ، وبَيَعَ ، فقُلِبَتَا ألفاً لاعتلالِهما وانفِتاح ما قَبْلَهما ؛ وكذلك : خافَ وهابَ ، الأصل : خَوِفَ ، وهَيِبَ. وكذلِكَ قُلبتِ الواوُ والياء ألفاً في قولك : باب ، وناب ، أصلُهما : بَوَبٌ ونَيَبٌ ، فقُلِبَتَا أَلِفَيَّن.
فأما غَزَوَا ، ورَمَيَا فأقَرُّوه على أصْلِه خوف الالتِباس بالواحد ، لأنّهما لو قُلِبتا ألِفاً لأشْبَه فعْلُ الواحِدِ في غَزَا ورَمَى.
فأمَّا قولهم : اعْتَوَنُوا ، فهوَ في مَعْنى : تَعَاوَنُوا ، فالألِفُ قبلَه ساكِنَة.
أما : حَوِلَ ، وعَوِرَ ، فصحَّ لأنه بمعْنى : احْوَلَّ ، واعْوَرَّ. وكذلكَ : صَيِدَ البَعِيرُ لأنَّه بمعنى : اصْيَدَّ.
قالَ مُحمَّد بن يزيد (١) المُبَرِّدٌ : « إِنّما ظَهرت الواوُ واليَاء في هذا البابِ ، لأنَّ أصلَ البِناءِ في هذا النّوع : « افْعَلَّ يَفْعَلُّ » نحو اقْوَرَّ يَقْوَرُّ ، واعْوَرَّ يَعْوَرُّ ، وابْيَضَّ يَبْيَضُّ ».
وكذلك أبدِلَتِ الألفُ من الواو والياء في : غَصا ، ورَحىً ، والأصل : عَصَوٌ وَرَحَيٌ.
وإِذ سكَّنتَ الهمزة وانْفتحَ ما قَبْلهَا جاز أن تُخفَّفَ وتُقلَبَ ألفاً في مثل : رَأْس ، فَأْس ، فتقولُ : فاس ، وراس ، بغير همز ؛ وفي مثل : اقْرَأْ : اقرا ، بغير همز. وكذلك : آدم أصله : أَأْدم بهمزتين ، فأبدلوا الثانية منهُما ألِفاً.
__________________
(١) هو : محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالي الأزدي ، أبو العباس المعروف بالمبرد ، إِمام العربية في زمانه ببغداد ، وأحد أئمة الأدب والأخبار ( ولد عام ٢١٠ ه ٨٢٦ م وتوفي عام ٢٨٦ ه ٨٩٩ م ) ومن أشهر مؤلفاته ( الكامل ) و ( المقتضب ) ؛ وما حكاه عنه هو معنى ما قاله في المقتضب : ( ١ / ٩٩ ـ ١٠٠ ) والكامل ( ١٠٨٩ ـ ١٠٩٠ ) ، وهو معنى قول غيره أيضاً ، انظر الكتاب : ( ٢ / ٣٦١ ) ، والمنصف : ( ١ / ٢٥٩ ).