إلى غير ذلك من كرائم صفاته وجليل عطاياه ، فهل كان بعد ذلك يحتاج إلى عطايا آل الزبير ليحمل أخته إلى مصعبهم فيعطيه ألف ألف درهم؟! ومتى عرف آل الزبير بالعطاء؟ إذ لم ير منهم سوى الشح والضيق على الرعية ، حتى ضج الناس من بخل آل الزبير ، فقال قائلهم وهو أبو وجزة مولى الزبير :
إن الموالي أمست وهي عاتبة |
|
على الخليفة تشكو الجوع والحربا |
ماذا علينا وماذا كان يرزؤنا |
|
أي الملوك على ما حولنا غلبا (١) |
وقال الضحاك بن فيروز الديلمي :
تخبرنا أن سوف تكفيك قبضة |
|
وبطنك شبرا أو أقل من الشبر |
وأنت إذا ما نلت شيئا قضمته |
|
كما قضمت نار الغضى حطب السدر |
فلو كنت تجزي إذ تبيت بنعمة |
|
قريبا لردتك العطوف على عمرو (٢) |
وعمرو هذا هو أخو عبدالله بن الزبير ، قتله حرصا على الملك دون تحرج في سفك دماء حتى إخوته ومقربيه.
فروايات آل الزبير في الطعن على أئمة آل البيت عليهمالسلام ، ورفع منزلة ذويهم ، تكذبها وقائع التاريخ ، وتناقضها شواهد أخر أعرضنا عن ذكرها.
والنتيجة : بعد استعراضنا لمقدمات تاريخية مهمة تشير إلى مواقف آل الزبير من أهل البيت عليهمالسلام ، وعدائهم لهم ، وعدم توافقهم ، فإن حكاية زواج مصعب بن الزبير من السيدة آمنة بنت الحسين عليهماالسلام تمنعها مقتضيات دينية واجتماعية عدة.
__________________
(١) مروج الذهب ٨٨ : ٣.
(٢) المصدر السابق.