به باطن الكف نفذ إلى ظاهره بسرعة ، وإن سقطت منه نقطة في بعض الأجسام من النبات أو غيره انبسطت تلك النقطة وأخذت مكاناً واسعاً ، وإن شرب منه قدر مثقال نفع من الحصاة وعلل المثانة ويدر البول حتى أنه يشم رائحته في البول ، وإن شرب منه قدر مثقالين لين بشراب أو بشيء من لبن قتل جميع الدود والحيات التي في البطن ، ونفع من الأمغاص وجميع الأوجاع التي تكون من البرد ، وإن قطر منه في الأذن نفع من جميع عللها الباردة وقتل الدود المتولد فيها ونفع من الفالج واللقوة نفعاً عظيماً إذا دهن به أو شرب وينفع من عرق النسا ومن أوجاع المفاصل والظهر ، وإن حل فيه الأشق وعمل منه ضماد على الطحال أذهب ورمه الصلب في أقرب مدة وكذا يفعل في جميع الأورام الصلبة التي يكون سببها من البرد ، وإن قطر منه قطرات في أنف المصروع نفعه ونفع من انسداد الخياشيم ويسخن الدماغ ، وإن دهن به مؤخر الدماغ نفع من النسيان ، وإن قطر منه في السن الوجعة أذهب وجعها ، وإن استعمل في فرزجة أدر الطمث بسرعة وأخرج الجنين الحي والميت ، وإن احتمل في صوفة قتل الدود الصغار التي تكون في المقعدة ، وقد يفتح أفواه العروق وبحلل الدم الجامد ، وإن قطر منه شيء على شراب الزوفا وشرب نقى الرئة من الفضول الغليظة ونفع من ضيق النفس ، وإن دهن به ظاهر البدن نفع من برد الهواء ، وإن اكتحل به نفع من الماء النازل إلى العين وربما أبرأه ، وينفع من جميع السموم الباردة ومن لسع العقارب ومن شرب الأفيون والبنج واليبروح ، وما أشبه ذلك ومنافعه لذلك كثيرة. وهذه صفته : تأخذ من الزيت العتيق المقدار الذي تريد وتأخذ من الآجر الأحمر الذي لم يمسه ماء فتكسره قطعاً قطعاً كل قطعة من أوقية أو أوقيتين وتوقد عليه النار حتى يحمى ، ثم تأخذها واحدة واحدة وتطفئها بالزيت حتى يفرغ جميعها وتدقها دقاً جريشاً. وتمد منها بطون اليقطين المزججة المصابرة للنار بعد أن تجعل عليها طين الحكمة وتعلقها في الفرن على هيئة يقطين الماورد ، ولا يكون بينها وبين النار حجاب ، ثم انصب على البطون رؤوسها وطين أوصالها بطين الحكمة واترك ذلك حتى يجف جميع ذلك ، ثم أدخل النار تحت البطون برفق كلما سخنت البطون شددت النار فلا تزال تشده حتى ترى الماء يقطر أحمر شديد الحمرة ، وتحفظ أن لا تدب النار إلى الدهن القاطر فإنها تتعلق به فلا تستطيع أن تطفئه ، وفي ذلك كله تشد النار حتى لا يبقى يقطر شيئاً من الدهن وتترك الفرن يبرد حتى تخرج الأثفال من البطون وتجعل غيرها إن سلمت البطون وإلا عوضت من المكسور آخر وأحكمت طينه وشددت رأسه وقطرت فيها حتى تأخذ حاجتك منه وترفعه في قارورة وتسد عليه لئلا يخرج منه شيء ، وتستعمله في علاج الأمراض الباردة المتقدمة الذكر وهو من أسرار الطب المكتوم لم أخذه تقليداً.
دهن الغار : ديسقوريدوس : يصنع دهن الغار من حبه إذا أدرك ويطبخ بالماء حتى يظهر حينئذ على قشره دسم وتمسح بالأيدي وتجمع في صدفة ، ومن الناس من يعفص الزيت الإنفاق بالسعد والأذخر وقصب الذريرة ، ومن بعد ذلك يلقون فيه ورق الغار الطري ويطبخونه ، ومن الناس من يطرح مع ورق الغار حبه وكلهم يطبخونه حتى تعبق به رائحته جداً ، ومن الناس من يخلط به ميعة وآساً وأصلح الغار ليعمل منه دهن ما كان منه جبلياً عريض الورق ، وأجود منه ما كان حديثاً أخضر شديدة المرارة حريفاً