قد نعطي مثالاً بسيطاً بالتاريخ الإسلامي حينما تجمد العقل عند التقليد ، وخصوصاً في المدرسة السنية ، ظل التفكير في المحيط الذي رسم خلال إنتاج تلك الفكرة ، سواءاً علىٰ مستوىٰ الفقه أو الفلسفة والتاريخ ، ووصل بالأخير إلىٰ حالة الأزمة والتخلف مما أدىٰ في نهاية المطاف إلىٰ الاندحار علىٰ كل الأصعدة والمجالات ، فتوقف الفقه عند الأربعة والفلسفة عند ابن رشد والتاريخ عند الطبري ، ولم تصبح دائرة العقل الإسلامي السني تستحمل أكثر مما طرح في تلك الفترات التاريخية ، وقد كان الفكر الشيعي أوشك علىٰ الوقوع في نفس الخطأ بعد وفاة الخواجة نصير الدين الطوسي ، حتىٰ سمي القرن الذي يليه بقرن المقلدة ، لكن الأبعاد المعرفية التي تحويها مدرسة آل البيت جعلتهم يخرجون من هذا المأزق ، وأثمرت بذلك حركة الإبداع والتجديد.
إن الاعتبار من التاريخ كان جزءاً مهمّاً في الطرح القرآني ، بحيث تناول أغلب الموضوعات من خلق البشرية إلىٰ مابعد وأعطى للأمة استشراف المستقبل وحدد مفهوم لتطور الأحداث والتواريخ وسماه بالقصص ، حيث قال تعالىٰ : ( نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ ) (١) ، مما يعطي للحدث التاريخي مفهوم من خلال معنىٰ القصة والتي يُتوخىٰ منها العبرة ، وكذلك الدعوة الإلهية إلىٰ ذلك في قوله تعالىٰ : ( قُلْ سِيرُوا
______________
(١) يوسف : ٣.