فترىٰ سعد بن عبادة يقول مخاطباً الجمع : « فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام ، وأنتم معشر المهاجرين رهطا ، وقد دفت دافة من قومكم ، فإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا ، وأن يخصوننا من الامر » (١) وهذا دليل علىٰ الرفض الأنصاري وخصوصاً التيار الخزرجي لتولي أحد الثلاثة الخلافة ، لكن في الأخير وباستغلال الانقسام الموجود بين الانصار إذ لما رأت قبيلة الأوس ما صنعه بشير بن سعد ، وعلمهم برغبة الخزرج من تأمير سعد بن عبادة ، قال زعيمهم أسيد بن حضير لئن وليتموها سعدا عليكم ، لا زالت لهم بذلك عليكم الفضيلة ، ولا جعلوا لكم نصيباً فيها أبداً ، فقوموا فبايعوا أبا بكر ، فقاموا إليه فبايعوه ، وهكذا بايع كل من حضر السقيفة من الأوس والخزرج باستثناء الحباب بن المنذر وسعد بن عبادة (٢).
إذن الواقعة التاريخية تنفي حصول الإجماع ، علماً أن إحدىٰ مقومات الشورىٰ هو الإجماع وخصوصاً أن من بين المعارضين لهذه البيعة من خيرة الصحابة وعلىٰ رأسهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام.
ومن الأمور التي ينبغي الوقوف عندها هي محاولة أهل العامة إعطاء الشرعية الدينية لهذه البيعة بقياسها علىٰ حادثة الصلاة ، لكن ما حقيقة
______________
(١) صحيح البخاري كتاب المحاربين من أهل الكفر : ٨ / ٥٤١.
(٢) المصدر السابق : ٨ / ٥٤٢ وابن قتيبة : ١ / ٢٧.