والغلبة لواحد ، ثم قام آخر فقهر الأول بشوكته وجنوده ، انعزل الأول وصار الثاني إماماً لمّا قدمناه من مصلحة المسلمين وجمع كلمتهم (١).
والشيء الجلي الذي يمكن استخلاصه من هذه المقولة وغيرها كثير في الآثار الإسلامية ، وهو محاولة لتبرير الواقع والقبول به كأمر حتمي ، بعد تناسي التجليات التي يمكن أن يسقطها علىٰ جميع المستويات المرتبطة بالمجتمع.
وقد لا يفطن الدارسون لما يمكن أن يؤدي إليه هذا التبرير ، فيصير بذلك إلزاماً طرح سؤال مهم طرحه أفلوطين في ميدان البحث التاريخي ، لأن الهدف المتوخىٰ منه هو وضع الاصبع علىٰ الخلل في هذا الركام الملغوم ، وبالتالي فأي مذهب يؤدّي بنا إلىٰ حيث يجب أن ننطلق (٢).
لقد شكلت هذه النقط الهاجس لكل المؤرّخين من أجل الخروج من المأزق الحالي ، ومن هذا التوقّف الإضطراري للتاريخ الإسلامي وبحثهم الجاد حول كيفية تفعيله.
لكن رغم كل ذلك لازالت التنظيرات منحصرة في العقلية اللاتاريخية
______________
(١) بدر الدين بن جماعة ، تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام ، مخطوط ، نشرته مجلة Islamica ١٩٣٥ ص ٣٥٧. ويمكن مراجعة كل ما كتب في الفقه السياسي من قبيل الأحكام السلطانية وغيرها حتىٰ تبيّن لك هذه التبريرات غير الشرعية.
(٢) أفلوطين ، تاسوعات أفلوطين ، التاسوع ١ ، الفصل ٢ ص ٦٦ ، ترجمة الدكتور فريد جبر ، ط ١ سنة ١٩٩٧.