الأنصاري ـ قال : مشيت وراء علي بن أبي طالب ، حيث انصرف من عند عمر ، والعباس بن عبد المطلب يمشي في جانبه ، فسمعته يقول للعباس : ذهبت منا والله ، فقال : كيف علمت ، قال : ألا تسمعه يقول : كونوا في الجانب الذي فيه عبد الرحمن لانه ابن عمه ، وعبد الرحمن نظير عثمان وهو صهره ، فإذا اجتمع هؤلاء فلو أن الرجلين الباقيين كانا معي لم يغنيا عني شيئا ، مع أني لست أرجوا إلا أحدهما ، ومع ذلك فقد أحب عمر أن يعلمنا أن لعبد الرحمن عنده فضلا علينا ، لعمر الله ما جعل الله ذلك لهم علينا ، كما لم يجعله لأولادهم على أولادنا ، أما والله لئن عمر لم يمت لأذكرته ما أتى الينا قديما ، ولأعلمته سوء رأيه فينا ، وما أتى الينا حديثا ، ولئن مات ـ وليموتن ـ ليجتمعن هؤلاء القوم على ان يصرفوا هذا الأمر عنا ، ولئن فعلوها ـ وليفعلن ـ ليرونني حيث يكرهون ، والله ما بي رغبة في السلطان ، ولا حب الدنيا ، ولكن لأظهار العدل والقيام بالكتاب والسنة.
قال : ثم التفت فرآني وراءه فعرفت انه قد ساءه ذلك ، فقلت : لا ترع أبا حسن ، لا والله يستمع أحد الذي سمعت منك في الدنيا ما اصطحبنا فيها ، فوالله ما سمعه مني مخلوق حتى قبض الله عليا الى رحمته.
قال عوانة : فحدثنا اسماعيل ، قال : حدثني الشعبي ، قال : فلما مات عمر ، وأدرج في أكفانه ، ثم وضع ليصلي عليه ، تقدم علي بن أبي طالب فقام عند رأسه ، وتقدم عثمان فقام عند رجليه ، فقال علي عليه السلام : هكذا ينبغي أن تكون الصلاة ، فقال عثمان : بل هكذا ، فقال عبد الرحمن : ما أسرع ما اختلفتم ، يا صهيب : صل على عمر كما رضي أن تصلي بهم المكتوبة ، فتقدم صهيب فصلى على عمر.
قال الشعبي : وأدخل اهل الشورى دارا ، فأقبلوا يتجادلون عليها ، وكلهم بها ضنين ، وعليها حريص ، إما لدنيا وإما لآخرة ، فلما طال ذلك قال عبد الرحمن : من رجل منكم يخرج نفسه عن هذا الأمر ، ويختار لهذه الأمة رجلا منكم ، فان طيبة نفسي ان أخرج منها ، واختار لكم قالوا : قد رضينا إلا علي بن