وحوله نفر سكوت لا يتكلمون ، كأن على رؤوسهم الطير ، فسلمت ثم جلست ، فلم اسأله عن شيء لما رأيت من حالهم وحاله ، فبينما انا كذلك إذ جاء نفر فقالوا : أنه أبى أن يجيء قال : فغضب وقال : أبى أن يجيء ، اذهبوا فجيئوا به ، فان أبى فجروه جرا.
قال : فمكثت قليلا فجاءوا ومعهم رجل آدم طوال أصلع ، في مقدم رأسه شعرات ، وفي قفاه شعرات ، فقلت : من هذا ، قالوا : عمار بن ياسر ، فقال له عثمان : أنت الذي تأتيك رسلنا فتأبى أن تجيء ، قال : فكلمه بشيء لم أدر ما هو ، ثم خرج ، فما زالوا ينفضون من عنده حتى ما بقي غيري فقام ، فقلت : والله لا أسأل عن هذا الأمر أحدا أقول حدثني فلا حتى أدري ما يصنع ، فتبعته حتى دخل المسجد ، فإذا عمار جالس الى سارية وحوله نفر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يبكون ، فقال عثمان : يا وتاب علي بالشرط ، فجاءوا فقال : فرقوا بين هؤلاء ، ففرقوا بينهم.
ثم اقيمت الصلاة ، فتقدم عثمان فصلى بهم ، فلما كبر قالت امرأة من حجرتها : يا أيها الناس ، ثم تكلمت ، وذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما بعثه الله به ، ثم قالت : تركتم أمر الله. وخالفتم عهده ونحو هذا ، ثم صمتت ، وتكلمت امرأة اخرى بمثل ذلك ، فإذا هما عائشة ، وحفصة.
قال : فسلم عثمان ، ثم أقبل على الناس وقال : إن هاتين لفتّانتان ، يحل لي سبهما ، وأنا بأصلهما عالم.
فقال له سعد بن أبي وقاص : أتقول هذا لحبائب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال : وفيم أنت ، وما هاهنا ، ثم أقبل نحو سعد عامدا ليضربه به فانسل سعد.
فخرج من المسجد فأتبعه عثمان ، فلقي عليا عليه السلام بباب المسجد ، فقال له عليه السلام : أين تريد؟ قال : أريد هذا الذي كذا وكذا ـ يعني سعدا يشتمه ـ فقال له علي عليه السلام : أيها الرجل دع عنك هذا ، قال : فلم يزل