سعد بعد ذلك إلا قليلا حتى خرج الى الشام فمات بحوران (١) ولم يبايع لأحد ، لا لأبي بكر ، ولا لعمر ، ولا لغيرهما.
وكثر الناس على أبي بكر ، فبايعه معظم المسلمين في ذلك اليوم ، واجتمعت بنو هاشم الى بيت علي بن أبي طالب ، ومعهم الزبير ، وكان يعد نفسه رجلا من بني هاشم ، وكان علي يقول : ما زال الزبير منا أهل البيت حتى نشأ بنوه فصرفوه عنا.
واجتمعت بنو أمية الى عثمان بن عفان ، واجتمعت بنو زهرة الى سعد ، وعبد الرحمن فأقبل عمر إليهم وأبو عبيدة ، فقال : مالي أراكم ملتائين. قوموا فبايعوا أبا بكر ، فقد بايع له الناس ، وبايعه الأنصار. فقام عثمان ومن معه ، وقام سعد ، وعبد الرحمن ومن معهما فبايعوا أبا بكر.
وذهب عمر ومعه عصابة الى بيت فاطمة ، منهم اسيد بن حضير وسلمة بن أسلم ، فقال لهم : انطلقوا فبايعوا ، فأبوا عليه ، وخرج إليهم الزبير بسيفه ، فقال عمر : عليكم الكلب ، فوثب عليه سلمة بن أسلم. فأخذ السيف من يده فضرب به الجدار ، ثم انطلقوا به وبعلي ومعها بنو هاشم ، وعلي يقول : انا عبد الله وأخو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، حتى انتهوا به الى ابي بكر ، فقيل له : بايع فقال : انا أحق بهذا الأمر منكم ، لا أبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي ، أخذتم هذا الأمر من الأنصار ، واحتججتم عليهم بالقرابة من رسول الله ، فأعطوكم المقادة ، وسلموا اليكم الامارة ، وانا احتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار ، فانصفونا ان كنتم تخافون الله من انفسكم ، واعرفو لنا من الأمر مثل ما عرفت الأنصار لكم ، وإلا فبؤوا بالظلم وأنتم تعلمون.
فقال عمر : انك لست متروكا حتى تبايع ، فقال له علي : احلب يا عمر حلبا
__________________
(١) حوران : كورة واسعة من أعمال دمشق من جهة القبلة. ذات قرى كثيرة ومزارع وحرار ، وما زالت منازل العرب. معجم البلدان ٢ : ٣١٧. الامامة والسياسة ١ : ١٧.