رسول الله ذلك اليوم (١).
وحدثني المغيرة بن محمد المهلبي من حفظه ، وعمر بن شبة من كتابه باسناد رفعه الي أبي سعيد الخدري ، قال : سمعت البراء بن عازب يقول : لم أزل لبني هاشم محبا ، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله خفت أن تتمالأ قريش على اخراج هذا الأمر عنهم ، فأخذني ما يأخذ الوالهة العجول ، مع ما في نفسي من الحزن لوفاة رسول الله صلى الله عليه وآله فكنت أتردد الى بني هاشم وهم عند النبي صلى الله عليه وآله في الحجرة ، وأتفقد وجوه قريش ، فإني كذلك إذ فقدت أبا بكر وعمرو وإذ قائل يقول : القوم في سقيفة بني ساعدة ، وإذا قائل آخر يقول : قد بويع أبا بكر فلم ألبث وإذا أنا بأبي بكر قد اقبل ومعه عمر وابو عبيدة وجماعة من أصحاب السقيفة وهم محتجزون بالأزر الصنعانية لا يمرون بأحد إلا خبطوه ، وقدموه فمدوا يده فمسحوها على يد أبي بكر يبايعه ، شاء ذلك أو أبى ، فانكرت عقلي وخرجت اشتد حتى انتهيت الى بني هاشم والباب مغلق ، فضربت عليهم الباب ضربا عنيفا وقلت : قد بايع الناس لأبي بكر بن أبي قحافة ، فقال العباس : تربت أيديكم إلى آخر الدهر ، أما اني قد أمرتكم فعصيتموني. فمكثت أكابد ما في نفسي ، ورأيت في الليل المقداد ، وسلمان وأبا ذر وعبادة بن الصامت ، وابا الهيثم بن التميان ، وحذيفة وعمارا ، وهم يريدون أن يعيدوا الأمر شورى بين المهاجرين.
فلما كان بليل خرجت الى المسجد فلما صرت فيه تذكرت اني كنت اسمع همهمة رسول الله صلى الله عليه وآله ، بالقرآن فامتنعت من مكاني فخرجت الى الفضاء ، فضاء بني قضاعة ، وأجد نفرا يتناجون فلما دنوت منهم سكتوا ، فانصرفت عنهم ، فعرفوني وما أعرفهم فدعوني إليهم فأتيتهم فأجد المقداد بن الأسود ، وعبادة بن الصامت ، وسلمان الفارسي ، وأبا ذر ، وحذيفة ، وأبا الهيثم بن
__________________
(١) ابن أبي الحديد ٢ : ٥١. تاريخ الطبري ٣ : عن ابن حميد عن سلمة قال : حدثنا محمد بن اسحاق. الكامل ٢ : ٣٢١. سيرة ابن هشام ٤ : ٣٣٢.