ثم التفتت الى قبر أبيها ـ ص ـ متمثلة بقول هند ابنة أثاثة :
قد كان بعدك أنباء وهنبئة |
|
لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب |
إنا فقدناك فقد الأرض وابلها |
|
واختل قومك لما غبت وانقلبوا |
أبدت رجال لنا فحوى صدورهم |
|
لما قضيت وحالت دونك الترب |
وزاد في بعض الروايات هنا :
ضاقت عليّ بلادي بعدما رحبت |
|
وسيم سبطاك خسفا فيه لي نصب |
فليت قبلك كان الموت صادفنا |
|
قوم تمنوا فأعطوا كلما طلبوا |
تجهمتنا رجال واستخف بنا |
|
مذ غبت عنا فنحن اليوم نغتصب (١) |
قال : فما رأيت باكية وباك منه يؤمئذ ، ثم عدلت الى مسجد الأنصار فقالت :
يا معشر البقية ، ويا عماد الملة ، وحصنة الاسلام ، ما هذه الفترة في حقي والسنة عن ظلماتي؟ أما كان لرسول الله (ص) أن يحفظني ولده ، سرعان ما أحدثتم عجلان ذا اهالة ، أتزعمون مات رسول الله ـ ص ـ فخطب جليل استوسع وهنه ، واستهتر فتقه ، وفقد راتقه ، وأظلمت الأرض له ، واتأبت لخيرة لله ، وخشعت الجبال ، وأكدت الآمال (٢) واضيع الحريم ، وارملت الحرمة ، فتلك نازلة اعلن بها في كتاب الله في قبلتكم ـ افنيتكم ـ ممساكم ومصبحكم هتافا هتافا ، ولقلبه ما حلت بأنبياء الله ورسله ، (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل افإن مات أو قتل انقبلتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين) (٣).
أيها بني قبلة (٤) أهضم تراث أبيه ، وأنتم بمرءا وبمسمع ، تكبسكم الدعوة ،
__________________
(١) في بعض النسخ : مذ غبت عنا وكل الارث قد غصبوا.
(٢) أكدت : بخلت.
(٣) سورة آل عمران : ١٤٤.
(٤) بنو قيلة : الأوس والخزرج ، لأن اسم امهم قيلة بنت كاهل.