وقيل : الفاء هنا للسببية ، وهي لا تستلزم التعقيب ، بدليل صحة قولك : إن يسلم فهو يدخل الجنة ، مع ما بينهما من المهلة (١).
وقيل : تقع الفاء بمعنى « ثم » كما في قوله تعالى ( فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ) (٢) لتراخي ما بين معطوفاتها. وبمعنى الواو ، كقوله : بين الدخول فحومل (٣).
وثالثها : السببية ، وذلك غالب في العاطفة جملة أو صفة (٤). فالأوّل نحو ( فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ ) ( فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ ) (٥). والثاني نحو ( لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ ) (٦).
وقد تجيء في ذلك (٧) لمجرد الترتيب ، نحو ( فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ ) ( لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ ) (٨).
إذا عرفت ذلك فيتفرع عليه أمور :
منها : إذا قال : إن دخلت الدار فكلّمت زيدا فأنت عليّ كظهر أمي ، اشترط تقديم الدخول على الكلام. وفي اشتراط اقترانه بالكلام ، أم يكفي تراخيه ، وجهان مرتبان ، والأجود عدم اشتراطه.
ومنها : إذا قال : بعتك بدرهم فدرهم ، انعقد البيع بدرهمين ، كما لو
__________________
(١) القاموس المحيط ٤ : ٤١٢. ( الفاء )
(٢) المؤمنون : ١٤.
(٣) القاموس المحيط ٤ : ٤١٢. ( الفاء )
(٤) في « د » ، « م » : صلة.
(٥) القصص : ١٥ ، البقرة : ٣٧.
(٦) الواقعة : ٥٣ ـ ٥٥.
(٧) في « د » : وقد يجيء ذلك.
(٨) الذاريات : ٢٦ ، ق : ٢٢.