فصيّروا مثل كعصف مأكول (١) وقيل : حرف مؤكد للتشبيه ، ووجهه أنك تقول في التشبيه : زيد كعمرو ، وزيد مثل عمرو ، فإذا أردت المبالغة قلت : زيد كمثل عمرو. ومثله قول الشاعر :
ليس كمثل الفتى زهير |
|
خلق يوازيه في الفضائل |
ويمكن حمله على المعنى الحقيقي ، ويلزم منه نفي المثل مطلقا ، لأنه إذا انتفى مثل المثل ، يلزم انتفاء المثل مطلقا ، لأنه لو تحقق المثل في الجملة يلزم أن يكون الله تعالى مثلا لمثله ، والتقدير أنّ مثل مثله منتف.
وأما الكاف في الثناء الوارد بعد قراءة التوحيد ، وهو قوله : كذلك الله ربي (٢). فتحتمل الزيادة أيضا ، لأن الموصوف بالصفات المذكورة هو الله لا غيره حتى يشبّه به ، والشيء لا يشبّه بنفسه ، لأن المشبّه به لا بد أن يكون أبلغ في وجه الشبه من المشبه ، والشيء لا يكون أبلغ من نفسه. وتحتمل الأصالة ، بناء على أنّ المقول ما أمر به النبي صلىاللهعليهوآله من توحيد الله تعالى ، فقارئ السورة لا يكون موحدا بمجرّد قراءتها ، وإنما هو تال لما أمر به صلىاللهعليهوآله في جواب من سأله من المشركين بقولهم : ربك من ذهب أو فضة أو نحاس أو غيرها ، فنزل قوله تعالى : قل يا محمد لهم الله أحد ـ إلى آخره (٣) ـ فإذا قال القارئ : كذلك الله ربي ، فقد وحّد. ويمكن جعلها مؤكدة على هذا التقدير أيضا.
__________________
(١) وصدره « ولعبت طير بهم أبابيل » نسب سيبويه هذا البيت لحميد الأرقط في كتابه ١ : ٢٠٣.
(٢) الكافي ١ : ٩١ باب النية حديث ٤ ، التهذيب ٢ : ١٢٦ حديث ٤٨١ ، توحيد الصدوق : ٢٨٤ ـ ٣ ، الوسائل ٤ : ٧٥٤ أبواب القراءة باب ٢٠ حديث ١ ، ٢.
(٣) الدر المنثور ٦ : ٤١٠ ، تفسير النيشابوري ٣٠ : ٣٠٢.