وردت الرواية بالفرق بينهما ، وأنه إذا قدّم المال فهو ضامن للمال إن لم يحضره ، وإن قدّم عدم الإحضار فهو له كفيل (١).
وقد اختلفوا في تنزيل الرواية لمخالفتها للأصول ، والغرض هنا بيان فساد بعض تأويلاتها ، فإنه يتفرع على هذه القاعدة ، وهو ما نقل عن العلامة (٢) أنه حمل الرواية على أنه التزم في الصورة الأولى بما ليس عليه ، كما لو كان عليه دينار فقال : إن لم أحضره فعليّ عشرة دنانير مثلا ، فهنا لا يلزمه المال ، لأنه التزم بما ليس عليه. وأما الثانية فإنه التزم بما عليه وهو الدينار مثلا ، فكأنه قال : علي الدينار الّذي عليه إن لم أحضره.
وطريق فساد هذا التأويل من القاعدة : أنّ لفظ الرواية : سألته عن الرّجل يكفل بنفس الرّجل إلى أجل فإن لم يأت به فعليه كذا وكذا درهما ، قال : « إن جاء به إلى الأجل فليس عليه مال ، وهو كفيل بنفسه أبدا ؛ إلا أن يبدأ بالدراهم ، فإن بدأ بالدراهم فهو له ضامن إن لم يأت به إلى الأجل هذا لفظها.
وأنت خبير بأنه أتى بالدراهم أولا نكرة ، ثم أتى بها معرفة في قوله : « إلّا أن يبدأ بالدراهم » وقوله : « فإن بدأ بالدراهم » وحينئذ فيجب حمل اللام على المعهود ، وهو المذكور سابقا ، كما في قوله تعالى ( كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ ) (٣) فيبطل التنزيل ، مع ما فيه من مفاسد أخر لا تتعلق بالقاعدة.
ومن فروع حمله على المعهود مع عدم تكرره : ما لو حلف لا يأكل الجوز مثلا ، فإنه يحمل على المعهود منه ، دون الجوز الهندي ، إلا أن يكون في بلاد
__________________
(١) الكافي ٥ : ١٠٤ باب الكفالة. حديث ٣ ، الفقيه ٣ : ٩٦ حديث ٣٤٠٣ ، التهذيب ٦ : ٢٠٩ حديث ٤٨٨ ، الوسائل ١٣ : ١٥٧ أبواب أحكام الضمان باب ١٠.
(٢) تذكرة الفقهاء٢ : ١٠٢.
(٣) المزمل : ١٤ ـ ١٥.