وتستمر بالهرب تخلصاً من المطاردة، دون أن تعرف الراحة ودون أن تتوقف لإعداد الطعام أو للمبيت فهم ينامون أثناء السير وذلک بأن يتمددوا على طول ظهر الجمل ويدخلوا أرجلهم في أکياس مثبتة في عنقه کي لا يسقطوا أثناء النوم. وقد أوجدت الممارسة أيضاً وسيلة للطهي لا تتطلب التوقف وتقوم على مبدأ تقسيم العمل بين عدة نساء حيث تقوم واحدة منهن بطحن الحنطه المعدة سلفاً برحى يدوية دون أن تترجل عن جملها ثم تعطي الطحين إلى أمراة أخرى تقوم وهي على الجمل أيضاً بتحضير العجين منه وذلک بأن تسکب عليه الماء من قرب معلقة بجل الجمل. وأخيراً تقوم راکبة أخرى بخبز العجين على مجمرة (١) منقولة صغيرة بعد إحمائها بروث الابل المجفف. ثم تخلط الأرغفة نصف الناضجة التي تحضر بهذه الطريقة بحليب الابل الذي يستحضره الرجال أثناء السير أيضاً.
وحتى مثل هذا التراجع السريع لا يؤدي في بعض الأحيان إلى النجاة من أيدي العدو الذي يلحق بالمؤخرة فيقضي عليها ويدرک الهاربين فيأخذ منهم جميع ما يملکون ابتداءً من الابل. وتعتبر الخيول من الغنائم المفضلة أکثر من غيرها حيث أن لها في نظر البدو قيمة کبيرة إلى درجة بحيث أن العرف السائد يقضي بأن يرجم المنتصر العدو الذي يعطيه إياها اختياراً. ويکون فقدان الحيوانات السبب الرئيسي في فقر وإملاق القبائل وذلک لأن حياة البدو الرحل برمتها تستند بشکل کلي کما رأينا على الماشية وعلى المنتجات الحيوانية.
وعلى الرغم من احتمال الوصول إلى مثل هذه الحالة فإن المنازعات الداخلية في الصحراء لا تتوقف تقريباً حتى أنه من المشکوک فيه أن تکون
______________________
(١) إن اسمها هو «تاوة» أو «صاج» ـ المترجم.