الى أولياء المقتول ، ولا شك أن الولي هنا الأب ، فيجب التسليم إليه ، عملا بالعموم والالتفات الى أن ذلك يستلزم ان القاتل يقتل ويأخذ ، وهو بعيد. أما أولا ، فلصيرورة الجناية وسيلة الى تحصيل الاموال. وأما ثانيا ، فلما في ذلك من توفر الدواعي على القتل الخطأ ، وهما ضعيفان ، أما الاول فلانه مجرد استبعاد وليس دليلا. وأما الثاني فلانا لا نوجب الاخذ من العاقلة الا عند تحقق كون القتل خطا.
واعلم أن هذا الاشكال انما يتأتى على قول من يورث القاتل خطا مطلقا. أما من يمنعه مطلقا أو من الدية ، فالاشكال ليس بوارد عليهما.
قال رحمهالله : وكذا لو رمى مسلم طائرا ثم ارتد فأصاب مسلما ، قال الشيخ : لم يعقل عنه المسلمون من عصبته ولا الكفار ، ولو قيل : يعقل عنه عصبته المسلمون كان حسنا ، لان ميراثه لهم على الاصح.
أقول : قال الشيخ في المبسوط : انما لم يعقل عنه الكفار ، لانه أرسله وهو مسلم ، فتكون الدية في ماله. والشيخ المصنف أوجب الدية على عاقلة المسلم ، وهو حسن. أما أولا فلان مقتضى الاصل لزوم الدية للعاقلة المسلمين في الصورتين : أعني صورة ما لو رمى وهو ذمي ثم أسلم فقتل السهم مسلما ، وهذه الصورة لكون الميراث لهم فيهما معا ، ترك العمل بها في الصورة الاولى ، للاجماع فيبقى الباقي على أصله. وأما ثانيا فلان المرتد ميراثه لورثته المسلمين ، فتكون ديته عليهم.
وحيث أتينا بما قصدنا اثباته وذكره ، وأوردنا ما أردنا ايراده وسطره ، فلنحمد الله الذي جعلنا من المتمسكين بإهذاب مذهب الائمة الاطهار المنزهين عن الخطل والزيغ والآصار ، الاخذين علومهم عن النبي المختار محمد بن عبد الله ، من أكرم بيت وأشرف الابرار ، المؤيد بالمهاجرين والانصار ، صلى الله عليه وعليهم آناء الليل وأطراف النهار ، ونسأله أن يجعل ما كتبناه حجة لنا يوم القرار ، وعدة نستدفع بها أهوال تلك الدار ، انه هو الكريم الغفار المتطول بالانعم السنية الغزار.