« تاريخ آداب العرب » : وكان اكثر الصحابة رواية أبو هريرة ، وقد صحب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ثلاث سنين ـ بل صحب عاماً وتسعة أشهر كما ذكره صاحب كتاب شيخ المضيرة ـ وعمّر بعده نحواً من خمسين سنة ، ولهذا كان عمر وعثمان وعائشة ينكرون عليه ويتهمونه ، وهو اول راوية اتهم في الاسلام ، وكانت عائشة أشدّهم انكاراً عليه لتطاول الاَيام بها وبه إذ توفيت قبله بسنة ... (١).
واليك جملة من الاحاديث التي وردت عن أبي هريرة في صحيح البخاري وغيره والتي تكشف لنا ما حاله :
( ٢٤ ) عن حيان سمعت أبا هريرة يقول : نشأت يتيماً ، وهاجرت مسكيناً ، وكنت أجيراً لابنة غزوان بطعام بطني وعقبة رجلي ، احطب لهم إذا نزلوا ، واحدو لهم إذا ركبوا ، فالحمد لله الذي جعل الدين قوّاماً ، وجعل أباهريرة اماماً (٢).
( ٢٥ ) عن أبي هريرة : ما من اصحاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أحد أكثر حديثاً عنه منّي إلاّ ما كان من عبدالله بن عمرو ، فانّه كان يكتب ولا أكتب (٣).
أقول : نفس هذا الادعاء يدل على غلوّه في شأنه وعدم تورّعه في الكلام ، إمّا أولاً : فانّه لم يصاحب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلاّ عامين ، والحال ان جمعاً من الصحابة صاحبه طيلة عمره الشريف كأبي بكر وعلي وغيرهم ، فكيف يدّعي انّه أكثر حديثاً من كل الصحابة.
وإمّا ثانياً : لا يعرف عن ابن عمرو انّه أكثر حديثاً منه ، فلقد قيل انّ له
__________________
(١) الاَضواء على السنة المحمدية : ١١٣.
(٢) سنن ابن ماجه رقم ٢٤٤٥ كتاب الرهون.
(٣) صحيح البخاري رقم ١١٣ كتاب العلم.