وعدّ بعضهم من أسباب الوضع التحديث عن الحفظ ولم يتقن الحفظ ، واختلاط العقل في أواخر العمر ، والظهور على الخصم في المناظرة لا سيّما إذا كانت في الملاَ ، وارضاء الناس واستمالتهم لحضور مجالسهم ( كما نشاهد اليوم أيضاً ) ، وقد ألصق المحدّثون هذا السبب بالقصاص ، ويقال : أنه ما أمات العلم إلاّ القصاص ، وانّهم اكذب الناس.
وأخرج الزبير بن بكار ـ في أخبار المدينة ـ عن نافع وغيره من أهل العلم قالوا : لم يقص في زمان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا في زمان أبي بكر وعمر ، وانّما القصص محدث أحدثه معاوية حين كانت الفتنة (١).
أقول : وللوضع أسباب أخر كحسبان هداية الناس بوضع ما يدلّ على شدة الترهيب وزيادة الترغيب.
وعن خالد بن يزيد : سمعت محمّد بن سعيد الدمشقي يقول : إذا كان كلام حسن ، لم أرَ بأساً من أن اجعل له اسناداً (٢)!!!
وعن الحلية عن شيخ خارجي بعد أن تاب : فانظروا عمّن تأخذون دينكم ، فانّا كنّا إذا هوينا أمراً صيّرنا له حديثاً!
وعن الطحاوي ـ في المشكل ـ عن أبي هريرة مرفوعاً عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : إذا حدّثتم عني حديثاً تعرفونه ولا تنكرونه فصدقوا به قلته أم لم اقله ، فانّي أقول ما يعرف ولا ينكر ، وإذا حدّثتم عني حديثاً تنكرونه ولا تعرفونه فكذبوا به ، فانّي لا اقول ما ينكر ولا يعرف!!! (٣)
وعن مسلم ، عن يحيى بن سعيد القطان : لم نر الصالحين في شيء
__________________
(١) أضواء على السنة المحمدية : ١٢٣.
(٢) النووي على مسلم ١ : ٣٢.
(٣) انظر إلى أبي هريرة كيف يظهر بعض أسباب تكثّره حديثه.