قاله العز بن عبد السلام آنفاً.
من المعروف الذي لا خلاف فيه انّك تجد الحديث يعمل به الحنفي لشهرته ثم يأتي الشافعي فيرفضه لضعف في سنده! وتجد المالكي يترك الحديث لانّ العمل جرى على خلافه ، ويعمل به الشافعي لقوة في سنده على ما رأى ، وهكذا.
وفي مرآة الاصول وشرحها مرقاة الوصول : من أصول الحنفية يرحمهم الله في بحث حال الراوي وهو : ان عرف بالرواية ، فان كان فقيهاً تقبل منه الرواية مطلقاً ، سواء وافق القياس أو خالفه ، وإن لم يكن فقيهاً ـ كأبي هريرة وانس رضي الله عنهما ـ فتردّ روايته إن لم يوافق الحديث الذي رواه.
ومن العلماء من قال : لا تقبل رواية الاخبار عن رسول الله إلاّ إذا كانت خبر عامة عن عامة ، أو اتفق علماء الاَمصار على العمل بها ، وهذا الطريق هو الذي يميل اليه فقهاء العراق ـ أبو حنيفة واصحابه ـ وقد أوضح هذا الاَمر الامام أبو يوسف صاحب أبي حنيفة في كتابه الذي ألّفه عن الاَوزاعي. وجاء في كتاب ( الاُم ) للامام الشافعي نقل هذا القول عن أبي يوسف تلميذ الشافعي حيث قال :
فعليك من الحديث بما تعرفه العامة (١) وايّاك والشاذ منه ، فانّه حدّثنا ابن أبي كريمة ، عن جعفر ، عن رسول الله : انّه دعا اليهود فسألهم فحدّثوه حتى كذبوا على عيسى ، فصعد المنبر فخطب الناس فقال :
« انّ الحديث سيفشو عليَّ ، فما أتاكم عني يوافق القرآن فهو عني ،
__________________
(١) يريد بالعامة الجمهور ، لا مقابل الخاصة.