فاعرض الشك (١) وعرف الحق واتبع الظن ، اشبهت محنة هارون إذ امره موسى على قومه (٢) فتفرقوا عنه ، وهارون يناديهم :
( يا قوم إنما فتنتم به وان ربكم الرحمان فاتبعوني وأطيعوا أمري قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى ) (٣).
وكذلك أنت لما رفعت المصاحف قلت : يا قوم إنما فتنتم بها وخدعتم ، فعصوك وخالفوا عليك ، واستدعوا نصب الحكمين ، فأبيت عليهم ، وتبرأت إلى الله من فعلهم وفوضته إليهم.
فلما أسفر (٤) الحق وسفه (٥) المنكر ، واعترفوا بالزلل والجور عن القصد (٦) واختلفوا من بعده ، وألزموك على سفه (٧) التحكيم الذي أبيته ، وأحبوه وحظرته ، وأباحوا ذنبهم الذي اقترفوه (٨).
وأنت على نهج بصيرة وهدي ، وهم على سنن ضلالة وعمى ، فما زالوا على النفاق مصرين ، وفي الغي مترددين ، حتى أذاقهم الله وبال
__________________
(١) اعرض الشك : تحرك وسعى في اضلال الناس أو ظهر ، عن الجوهري : اعرض فلان اي ذهب عرضا وطولا وعرضت الشئ فاعرض اي أظهرته فظهر.
(٢) في الأصل : إذ امره السامري على قومه بالعجل ، ما أثبتناه من سائر المصادر.
(٣) طه : ٩٠ ـ ٩١.
(٤) أسفر الصبح : أضاء واشرق.
(٥) سفه المنكر ـ كعلم ـ اي ظهر سفهه وبطلانه.
(٦) القصد : استقامة الطريق ، والجور : الميل عن القصد.
(٧) السفه : الجهل.
(٨) اقترف : اكتسب.