فظن الجاهلون انك عجزت عما إليه انتهى ، ضل والله الظان لذلك وما اهتدى.
ولقد أوضحت ما أشكل من ذلك لمن توهم وامترى (١) بقولك صلى الله عليك : قد يرى الحول القلب وجه الحيلة (٢) ، ودونها حاجز من تقوى الله ، فيدعها رأى العين ، وينتهز فرصتها من لا جريحة (٣) له في الدين ، صدقت وخسر المبطلون.
وإذ ماكرك الناكثان (٤) فقالا : نريد العمرة ، فقلت لهما : لعمري لما تريدان العمرة لكن الغدرة ، وأخذت البيعة عليهما ، وجددت الميثاق فجدا في النفاق ، فلما نبهتهما على فعلهما أغفلا (٥) وعادا ، وما انتفعا ، وكان عاقبة أمرهما خسرا.
ثم تلاهما أهل الشام فسرت إليهم بعد الاعذار ، وهم لا يدينون دين
__________________
(١) المرية : الجدل.
(٢) عن الجزري : الحول : ذو التصرف والاحتيال في الأمور ، والقلب الرجل العرف بالأمور الذي قد ركب الصعب والذلول وقلبها ظهرا وبطنا ، وكان محتالا في أموره حسن التقلب.
(٣) كذا في النسخ بتقديم الجيم على الحاء ، ويمكن أن يكون تصغير الجرح ، اي لا يرى أمرا من الأمور جارحا في دينه ، أو معناه الضيق ، والظاهر أن الصواب ما في نهج البلاغة : ( ينتهز فرصتها من لا حريجة له في الدين ) بتقديم الحاء على الجيم ، ومعناه اي ليس بذي حرج والتحرج التأثم ، والحريجة : التقوى.
(٤) المعنى به الطلحة والزبير.
(٥) غفل عنه غفولا : تركه وسها عنه ، أغفله : وصل غفلته إليه.