صانع وبارئ وفاطر ، لم تمارس في خلقك السماوات والأرض نصبا ، ولا في ابتداعك أجناس المخلوقين تعبا ، ولا لك حال سبق حالا فتكون أولا قبل أن تكون اخرا ، وتكون ظاهرا قبل أن تكون باطنا ، أحاط بكل شئ علمك ، واحصى كل شئ غيبك.
لست بمحدود فتدركك الابصار ، ولا بمتناه فتحويك الأقطار ، ولا بجسم فتكفيك الاقدار ، ولا بمرئي فتحجبك الأستار ، ولم تشبه شيئا فيكون لك مثلا ، ولا كان معك شئ فتكون لك ضدا.
ابتدأت الخلق لا من شئ كان من أصل يضاف إليه فعلك حتى تكون لمثاله محتديا ، وعلى قدر هيبته مهيئا ، ولم يحدث (١) لك إذا خلقته علما ، ولم تستفد به عظمة ولا ملكا ، ولم تكون سماواتك وارضك وأجناس خلقك لتشديد سلطانك (٢) ، ولا لخوف من زوال ونقصان ، ولا استعانة على ضد مكاثر (٣) أو ند مشاور ، ولا يؤودك حفظ ما خلقت ولا تدبير ما ذرأت ، ولا من عجز اكتفيت بما برأت ، ولا مسك لغوب فيما فطرت وبنيت ، وعليه قدرت ، ولا دخلت عليك شبهة فيما أردت.
يا من تعالى عن الحدود وعن أقاويل المشبهة والغلاة واجبار
__________________
(١) لم يخلق ( خ ل ).
(٢) لم تكن ، سلطان ( خ ل ).
(٣) مكابر ( خ ل ).