الشيخ قدّس سره : هل معك سكّين؟ فأجاب : نعم ، فأخذ السّكين منه وقصّ أحد كمّيه وأعطاه إيّاه ، وقال : خذ هذا الكمّ وضعه على رأسك هذه الليلة كي أجد لك حلّا غدا ، وعند عودته إلى البيت رأت زوجته أنّ جبّته بدون الكمّ ، فتأثّرت منه ، حيث أنّها قضت مدّة طويلة لتهيئة هذه الجبّة فأنقصها بقطع كمّها (١).
ولعلّ نتيجة هذا النوع من الورع والتقوى والتنزّه عن المادّيات كان له الأثر في تقويته الروحيّة وتعاليه في الكمالات المعنويّة ، بحيث أنّ الميرزا محمّد الأخباري عدّه في كتابه « دوائر العلوم » في عداد من حظي بلقيا إمام العصر والزمان أرواحنا فداه.
وقال آخرون عنه ـ بالإضافة إلى ما مرّ ـ : إنّه كان مطّلعا على ما في ضمائر الآخرين.
نقل لنا في « قصص العلماء » عن العالم الثقة السيّد عبد الكريم بن السيّد زين العابدين اللاهيجي ـ ما ترجمته ـ أنّه قال : كان أبي يقول : كنّا حين تحصيلنا للعلوم الدينيّة في العتبات المقدّسة في أواخر زمان المرحوم البهبهاني رحمهالله ، وكان ( الآقا ) بسبب شيخوخته وكبر سنّه قد استعفى من التدريس لما كان ينتابه من الفتور والضعف ، فكان تلامذته يدرسون وكان ( للآقا ) مجلس درس يدرّس فيه « شرح اللمعة » في السطوح ، وكنا عدّة أشخاص نتشرّف ، تيمّنا وتبرّكا بحضور درسه ، وصادف أن احتلمت في المنام يوما ممّا سبّب أن تفوتني صلاة الصبح ، فحلّ وقت درس ( الآقا ) ، فقلت في نفسي : أبادر بحضور الدرس كي لا يفوتني ثمّ أذهب للاغتسال في الحمّام ، فحضرت مجلس الدرس قبل أن يشرّفه شيخنا الأستاد ، وبعد أن حلّ فيه نظر ببشر وابتهاج إلى أطراف المجلس ، وفجأة ظهرت عليه آثار
__________________
(١) قصص العلماء : ٢٠٢.