صحيفة بيضاء يقف عليها المتتبّع في غضون كتب السير ومعاجم الرجال ، والحقّ ، أنّا وإن أطنبنا في ذكره وأشدنا به ، فلا شكّ أنّا غير واصفيه على حقيقته ، وقد أحسن وأنصف الشيخ عبد النبيّ القزويني في « تتميم الأمل » حيث اعترف بالعجز عن توصيفه وتعريفه ، فكيف يوصف ، وبأيّ مدح يمدح من خرج من معهد درسه جمع من أعلام الدين ، وعباقرة الأمّة ، وشيوخ الطائفة ، ونواميس الملّة ، كالمولى مهدي النراقي ، والميرزا أبي القاسم القمّي ، والميرزا مهدي الشهرستاني ، والسيّد محسن الأعرجي ، والشيخ أبي علي الحائري ، والشيخ الأكبر جعفر كاشف الغطاء ، والسيّد مهدي بحر العلوم ، والشيخ أسد الله الدزفولي ، والسيّد أحمد الطالقاني النجفي ، والسيّد محمّد باقر حجّة الإسلام الأصفهاني ، وغيرهم من مشيّدي دعائم الدين ، ومقوّمي أركان المذهب أعلى الله درجاتهم جميعا (١)؟!
اهتمام معاصريه وتلامذته ومن تأخّر عنه بنظريّاته طاب ثراه :
لقد سلف أن ذكرنا كلام المرحوم الشيخ عبد النبي القزويني في حقّ المؤلّف ، حيث قال : فحباه الله باستعداده علوما لم يسبقه أحد فيها من المتقدّمين ولا يلحقه أحد من المتأخّرين إلّا بالأخذ منه (٢).
وقال أبو علي في رجاله : جمع فنون الفضل ، فانعقدت عليه الخناصر ، وحوى صنوف العلم فانقاد له المعاصر. ونبّه على فوائد وتحقيقات لم يتفطّن بها المتقدّمون ، ولم يعثر عليها المتأخّرون (٣).
ويقول شيخنا الطهراني : وخضع له جميع علماء عصره ، وشهدوا له بالتفوّق
__________________
(١) الكرام البررة : ١ ـ ١٧١ ـ ١٧٢.
(٢) تتميم أمل الآمل : ٧٤.
(٣) روضات الجنّات : ٢ ـ ١٤ و ١٦.