الدين.
ومن زهده في الدنيا أنّه دام ظلّه اختار السدد السنّة والأعتاب العلية ، فجعل مجاورتها له أقرّ من رقدة الوسنان ، وأثلج من شربة الظمآن ، وأذهب للجوع من رغفة الجوعان ، فصيّر ترابها ذرورا لباصرته ، وماءها المملّح الزعاق أحلى من السكّر لذائقته ، وهمهمة الزوّار مقوّية لسامعته ، ورمالها وجنادلها مفرشا ليّنا للامسته ، ورياح أعراق الزائرين غالية لشامّته. مع أنّه لو أراد عراق العجم وخراسان ، وشيراز وأصبهان ، لحملوه إليهم بأجفان العيون ، وجعلوه إماما يركنون إليه وإليه يوفضون ، يصرفون له نقودهم وجواهرهم ويجعلون أنفسهم فداء له ظاهرهم وباطنهم (١).
ب : ويحدّثنا تلميذه صاحب كتاب « منتهى المقال » في كتابه عنه بقوله :
أستادنا العالم العلّامة ، وشيخنا الفاضل الفهّامة ، دام علاه ، ومدّ في بقاه ، علّامة الزمان ، ونادرة الدوران ، عالم عرّيف ، وفاضل غطريف ، ثقة وأيّ ثقة ، ركن الطائفة وعمادها ، وأورع نسّاكها وعبّادها. مؤسّس ملّة سيّد البشر في رأس المائة الثانية عشر ، باقر العلم ونحريره ، والشاهد عليه تحقيقه وتحبيره. جمع فنون الفضل فانعقدت عليه الخناصر ، وحوى صنوف العلم فانقاذ له المعاصر ، والحريّ أن لا يمدحه مثلي ويصف ، فلعمري تفنى في نعته القراطيس والصحف ، لأنّه المولى الّذي لم يكتحل عين الزمان له بنظير ، كما يشهد له من شهد فضائله ، ولا ينبّئك مثل خبير (٢).
ج : وصفه تلميذه السيّد محمّد مهدي بحر العلوم في بعض إجازاته بقوله :
__________________
(١) تتميم أمل الآمل : ٧٤ ـ ٧٥.
(٢) روضات الجنّات : ٢ ـ ٩٤.