ومن جانب آخر رواج المذهب الأخباري مع تموّج الهجرة والتعصّب والانزواء من أعلام علماء الشيعة ومفكّريهم.
ومن جهة أخرى رشد وانتشار التصوّف واللادينيّة باسم الدين.
هذا وغيره من الزوابع الّتي ينتظر من فقيدنا الوحيد ـ طاب ثراه ـ أن يقف أمامها كي يحيي شريعة سيّد الرسل صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومن ثمّ أن يوجد الحلّ المناسب مع ما تمليه عليه وظيفته الشرعيّة من الطرق العلاجيّة لأمثال هذه الحوادث.
وكانت أوّل قدم رفعها في هذا السبيل ـ كما يحدّثنا بذلك في « مرآة الأحوال » ـ أنّه غادر مسقط رأسه ، بعد أن فقد عماده ووالده المعظّم ، كي يترك آنذاك المحيط المشوب بالفتن والاضطرابات ، وليستغلّ هجرته لكي يعطي المجتمع الشيعي جملة من مؤلّفاته ورسائله في باب الإمامة وغيره ، وليربّي ثلّة طاهرة من الأعلام يبثّهم في بلاد الإسلام : كي يحفظوا المعتقدات الشيعيّة ، ويسعوا في حماية مبادئ الدين القويم.
وعندما يجد مترجمنا ـ طاب ثراه ـ الأرضيّة المساعدة للعودة إلى بلده إيران يتوجّه إلى بلدة بهبهان ـ الّتي كانت تعدّ آنذاك معقلا مهمّا للأخباريين ـ ويلبث هناك ثلاثين سنة يسبغ فيها رعايته وعنايته العلميّة ، ويدفع خلالها الخطر الكبير المتوجّه إلى العالم الشيعي ـ أعني تفريغ المذهب من القدرة العقليّة والتفكّر ـ ومن ثمّ حكّ تهمة الجمود والتحجّر اللتين وسمت بهما الطائفة ـ ويا للأسف! ـ وبعد ذاك يهاجر مجدّدنا مجدّدا إلى كربلاء كي يرعى ويحنو على حوزتها العلميّة ، ليبدأ جهادا جديدا وبشكل آخر.
ولم يغفل شيخنا ـ طاب ثراه ـ عن خطر رسوخ فكرة التصوّف واستغلال وساطة بعض جهّال الطائفة من قبل هذه الفرقة ، ممّا حدي به إلى إرسال ولده