لقد كان الصحابة يفسق بعضهم بعضا ، ويشتم بعضهم بعضاً ، واتفق أكثرهم على ضلال (١) عثمان وحاشيته ، وأنصاره ، واستحلال دمه.
وكان طلحة ، والزبير ، وعائشة ، من أكثر الناس تحريضاً عليه ، وبلغ الحال بعائشة أن كفرته ، واستعارت له اسماً ليهودي كان من أقذر أهل المدينة ، يسمونه نعثلاً ، وقالت أكثر من مرة.
« اقتلوا نعثلاً فقد كفر » ، وأخذت بيدها قميصاً كان لرسول الله (ص) وقالت :
« هذا قميص رسول الله لم يبل ، وقد أبلى عثمان سنته! ».
وبعد مصرع عثمان على يد المهاجرين والأنصار تحريضاً ومباشرة من الوفود التي زحفت من مختلف الأمصار ، اتجهت تلك الوفود الزاحفة من مختلف الجهات ، وجميع المهاجرين والأنصار إلى علي عليهالسلام ، وانضمت تحت لوائه ، وأكثر المهاجرين وجدوا أنهم قد حققوا بهذه البيعة وصية رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأعزّ أمانيه ، وإن جاءت متأخرة عن وقتها ، وراحوا ينتظرون فجراً جديداً مشرقاً بتعاليم الإسلام ومبادئه ، وعدالته.
واتجه الفريق الذي اشترك في قتل عثمان ، وكان من أشد الناس تحريضاً عليه من الصحابة ، إلى حرب الخليفة الشرعي الذّي تمّت خلافته بالإجماع والاختيار ، وبكل الشروط التي وضعوها للخلافة في عصر الصراع العقائدي الذي وضعوا فيه الشروط للخلافة الإسلامية لتصحيح خلافة الذين تقمصوها بعد وفاة الرسول عليهالسلام.
وبعد أن بذل لهم إمام الهدى جميع الوسائل ليرجعوا عن غيّهم
__________________
(١) في رأي الدكتور طه حسين أن عثمان كان يقاد كالثور. انظر : مع رجال الفكر في القاهرة الحلقة الأولى ص ١٩٨ طبع القاهرة.