الثالث
: النقص أو الزيادة بكلمة ، أو كلمتين ،
مع حفظ التحفظ على نفس القرآن المنزل ».
والتحريف بهذا المعنى قد وقع في صدر
الإسلام ، وفي زمان الصحابة قطعاً ، ويدلنا على ذلك إجماع المسلمين على أن عثمان
أحرق جملة من المصاحف وأمر ولاته بحرق كل مصحف غير ما جمعه.
وهذا يدّل على أن هذه المصاحف كانت
مخالفة لما جمعه ، وإلاّ لم يكن هناك سبب موجب لإحراقها.
وقد ضبط جماعة من العلماء موارد
الاختلاف بين المصاحف ، منهم :
عبدالله بن أبي داود السجستاني ، وقد
سمّى كتابه هذا بكتاب ( المصاحف ). وعلى ذلك فالتحريف واقع لا محالة ، إمّا من
عثمان ، أو من كتاب تلك المصاحف ، ولكنا سنبين بعد هذا إن شاء الله تعالى : أن ما
جمعه عثمان كان هو القرآن المعروف بين المسلمين ، الّذي تداولوه عن النبي صلىاللهعليهوآله يداً بيد.
فالتحريف بالزيادة والنقيصة إنما وقع في
تلك المصاحف التي انقطعت بعد عهد عثمان.
وأما القرآن الموجود فليس فيه زيادة ، ولا
نقيصة.
وجملة القول : إن من يقول بعدم تواتر
تلك المصاحف ـ كما هو الصحيح ـ فالتحريف بهذا المعنى وإن كان قد وقع عنده في الصدر
الأول إلاّ أنه قد انقطع في زمان عثمان ، وانحصر المصحف بما ثبت تواتره عن النبي صلىاللهعليهوآله .
وأما القائل : بتواترالمصاحف بأجمعها ، فلا
بدّ له من الالتزام بوقوع التحريف بالمعنى المتنازع فيه في القرآن المنزل ، وبضياع
شيء منه.