المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : « أمّا بعد ، أيّها الناس ، فما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة ، ولئن طعنتم في إمارتي أسامة لقد طعنتم في إمارتي أباه من قبله ، وأيم الله ، إنْ كان للإمارة لخليقاً ، وإنّ ابنه من بعده لخليق للإمارة ، وإنْ كان لمن أحبّ الناس إليّ ، وإنّهما لمخيّلان لكلّ خير ، واستوصوا به خيراً فإنّه من خياركم ، ثمّ نزل فدخل بيته ، وذلك يوم السبت لعشر خلون من ربيع الأوّل ، وجاء المسلمون الذين يخرجون مع أسامة يودّعون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فجعل يقول : أنفذوا بعث أسامة ، فلمّا كان يوم الأحد اشتدّ برسول الله صلّى الله عليه وسلّم وجعه فدخل أسامة من معسكره والنبيّ مغمور ، وهو اليوم الذي لدّوه فيه فطأطأ أسامة ... (١).
ولمّا سيّروا الجيش تخلّف عنه جماعة ممّن عبّأهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في جيشه ، وقد كان رسول الله يقول : « جهزوا جيش أسامة ، لعن الله من تخلّف عنه » (٢).
إلغاء التيمّم :
روى البخاري ومسلم عن شقيق قال : كنت جالساً مع عبد الله وأبي موسى الأشعري ، فقال له أبو موسى : لو أنّ رجلاً أجنب ، فلم يجد الماء شهراً ، أما كان يتيمّم ويصلّي؟ فكيف تصنعون بهذه الآية في سورة المائدة : ( فَلَمْ تَجِدُواْ مَاءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا ) (٣)؟ فقال عبد الله : لو رخّص لهم في هذا ، لأوشكوا إذا برد عليهم الماء أنْ يتيمّموا الصعيد. قلت : وإنّما كرهتم هذا لذا؟ قال : نعم. فقال أبو موسى : ألم تسمع قول عمّار لعمر : بعثني رسول الله في حاجة ، فأجنبت فلم أجد الماء ، فتمرّغت في الصعيد كما تمرّغ الدابّة ، فذكرت ذلك للنبيّ صلّى الله عليه
__________________
(١) الطبقات الكبرى ٢ : ١٩٠.
(٢) الملل والنحل ١ : ٢٣.
(٣) المائدة : ٦.