وأمّا السبب الثالث : فهو طمس وحرق فضائل أهل البيت النبويّ الشريف ، وإخفاء كلّ ما يتعلّق بأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ; لأنّه وصيّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وخليفته من بعده. وهذا أمر خطير جدّاً ، فيه كشفٌ لمؤامرة أصحاب السقيفة ، وفيه نزع لشرعيّة الخليفة الأوّل والثاني والثالث ، ولأنّ إظهار تلك الفضائل يفضحهم ويزعزع عروشهم ; قاموا بحرق السنّة النبويّة ، ومعاقبة كلّ من يحاول تطبيق أمر الله ورسوله في ولاية أهل البيت سلام الله عليهم حتّى يفسح لهم المجال وحتّى يعطوا شرعيّة لبيعتهم ، ويخفوا اغتصابهم للخلافة وحقّ أمير المؤمنين عليهالسلام فيها.
وحتّى لا يتمرد عليهم أحد ; قاموا بانتزاع حقوق أهل البيت عليهمالسلام ، ومحاصرتهم اجتماعيّاً وسياسياًواقتصاديّاً ، وابتدأوا بهم حتّى لا يجرؤ من هو أدنى منهم منزلة على أنْ يتفوّه بكلمة واحدة فيها ذكر فضيلة لأهل البيت ; خوفاً من العقاب.
أمّا كيف حاصروا أهل البيت سياسيّاً واجتماعيّاً واقتصاديّاً ، وأهانوهم وآذوهم ، فهنالك تفاصيل عن هذا الموضوع في بحث اغتيال الزهراء عليهاالسلام.
المهم أنّهم في حرقهم للسنّة ، ومنع تدوينها ، ومنع التحدّث بها ، قد أخفوا ذكر فضائل أهل البيت النبويّ ، وبالذات فضائل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ، والأحاديث التي تعلن صراحة ولاية أمير المؤمنين وحقّه بالخلافة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ولكنّ الله يأبى إلا أنْ يتمّ نوره ، فقد كان أكثر من خمسين صحابيّاً من شيعة عليّ عليهالسلام يعرفون فضائل أمير المؤمنين ومنازله ، نقلوها لنا جيلا بعد جيل حتّى من خلال كتب اهل السنّة وصحاحهم ; لأن الله سبحانه كما أرسل رسوله بالهدى ودين الحقّ ، لابدّ وأنْ يحفظ الدين والعقيدة ، ويهيّئ من يستطيع حمل تلك الأمانة