دعوه فإنّه يهجر ، بينما كنت حريصاً على قراءة التوراة ، وكنت حريصاً على كتابة ما عند اليهود من تعاليم وحكم ، لفائدة المسلمين؟ أليس في سنّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الكفاية ، أم أنّها لا تعجبك؟ ولم تكن تريد أنْ يعرفها أحد من المسلمين؟ هل كلامك هذا يعني أنّ الله تعالى قد أنزل إلينا ديناً ناقصاً!
هذه تساؤلات أترك لك عزيزي القارئ الإجابة عليها من خلال البحث والتقصّي عنها ، من خلال كتب أهل السنّة وصحاحهم وسيرهم.
والأنكى من ذلك ، لمّا حصل الفراغ عند المسلمين ، حيث مُنعوا في زمن عمر التحدّث بحديث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وكتابته ، وعوقبوا بالحبس أو النفي ، صار الناس يجهلون كثيراً من الأحكام ، وصارت السنّة النبويّة بعيدة عن حياتهم العمليّة ، ومن أجل ملئ ذلك الفراغ ، قام عمر بن الخطّاب بخطوة جريئة ، وهي فرض القصّاصين في المساجد ، ومن المعروف أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قد حذر المسملين من أولئك القصّاصين. أقدّم لك بعضا من الروايات التي تدلّ على هذا المعنى :
روى السيوطي في الجامع الصغير قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : « سيكون بعدي قصّاص ، لا ينظر الله إليهم » (١).
وروي في كنز العمّال ، عن عليّ أنّه دخل المسجد ، فإذا بصوت قاصّ ، فلمّا رآه سكت. قال عليّ : من هذا؟ قال القاصّ : أنا. فقال عليّ : اما إنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول : « سيكون بعدي قصاص لا ينظر الله إليهم » (٢)
وروى الطبراني ، عن خباب ، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : « إنّ بني
__________________
(١) الجامع الصغير ٢ : ٦٤.
(٢) كنز العمّال ١٠ : ٢٨٢ ، عن أبي عمير بن فضالة في أماليه.