مسموماً.
الإمام الحادي عشر ، جاء إلى مقام الإمامة بعد أبيه ، بأمر من الله تعالى ، وحسب ما أوصى به أجداده الكرام ، وطوال مدّة خلافته التي لا تتجاوز السبع سنين ، كان ملازماً التقيّة ، وكان منعزلا عن الناس حتّى الشيعة ، ولم يسمح إلا للخواص من أصحابه بالاتّصال به ، مع كلّ هذا فقد قضى زمنا طويلاً في السجون.
والسبب في كلّ هذا الاضطهاد هو :
أولا : كان قد وصل عدد الشيعة إلى حدّ يلفت الأنظار ، وإنّ الشيعة تعترف بالإمامة ، وكان هذا الأمر واضحاً جليّاً للعيان ، وإنّ أئمّة الشيعة كانوا معروفين ، فعلى هذا كانت الحكومة آنذاك تتعرّض للائمّة أكثر من ذي قبل ، وتراقبهم ، وكانت تسعى للإطاحة بهم ، وإبادتهم بكلّ الوسائل الخفيّة.
ثانياً : قد اطلعت الدولة العباسية على أنّ الخواص من الشيعة يعتقدون أنّ هناك ولداً للإمام الحادي عشر ، وطبقا للروايات التي تنقل عن الإمام الهادي ، وكذا من أجداده يعرفونه بـ ( المهدي الموعود ) وقد أخبر عنه النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم بموجب الروايات المتواترة عن الطريقين العامّة والخاصّة ، ويعتبرونه الإمام الثاني عشر لهم.
ولهذا السبب كان الإمام الحادي عشر أكثر مراقبة من سائر الأئمّة ، فصمّم خليفة الوقت أنْ يقضي على موضوع الإمامة عند الشيعة بكلّ وسيلة تقتضي الضرورة لذلك ، وبهذا يغلق هذا البحث ـ الإمامة ـ الذي طالما كان مثاراً لإزعاجهم.
ولمّا سمع المعتمد الخليفة العباسي ، بمرض الإمام الحادي عشر ، أرسل إليه الأطباء مع عدد من القضاة ، ومن يعتمد عليهم ، كي يراقبوا الإمام عن كثب ، وما يجري في داره ، وبعد استشهاد الإمام ووفاته ، فتّشوا البيت بدقّة ، وفحصوا