(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) (١).
لأجل ذلك ، عزّز رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم تلك المقاييس والموازين ، من مثل تلك التي تتعلّق بالسيّدة فاطمة الزهراء عليهاالسلام ، بنصوص قطعيّة متواترة ، لا تختلف عليها طائفة من المسلمين. وذلك للتسهيل على المؤمنين ، لوزن مواقفهم وسلوكهم ، بميزان دقيق صحيح ، يؤدّي إلى نتيجة صادقة وحقيقيّة.
في البداية أودّ ذكْر عدد من الروايات الصحيحة والمتواترة عند أهل السنّة فقط ، وإلاّ فإنّ الشيعة رضوان الله تعالى عليهم ، قد حسموا موقفهم من السيّدة فاطمة الزهراء عليهاالسلام ، وبذلك نالوا رضى الله ورضى رسوله والمؤمنين ; لأنّهم أخذوا بالمقياس السليم والصحيح ، وهو الكتاب والعترة الطاهرة ، بل في الحقيقة أنّ هذه القضيّة ، قضيّة السيّدة الزهراء عليهاالسلام ، هي أساس مذهب الإماميّة ، وجميع القضايا الأخرى تترتب على هذه القضيّة ، وهذا ما يدلّ على أهميّة هذا البحث والتدقيق فيه.
وإليك عزيزي القارئ ، بعض ما ورد في كتب وصحاح أهل السنّة ، الذين أهملوا قضيّة الزهراء عليهاالسلام ، وحتّى أنّهم لم يعتبروها ميزاناً لمعرفة موقفهم ، بل إنّهم طمسوها ، ومرّوا عنها ، كأنّها لا تعنيهم ، وليس لهم بها أيّ شأن أو علاقة. فهم حسب ما يعتقدون لا يهتمون بأمر قد حصل منذ الزمن البعيد. ولا داعي للبحث فيه وتناوله نهائياً. بل إنّ الحقيقة ، أنّهم طمسوا التاريخ والأحاديث النبويّة المتعلّقة به ، ومنعوا أتباعهم من تداولها والبحث فيها بحجّة الفتنة ، لكنّهم في الحقيقة لا يدركون أنّهم أهملوا كلام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم المتعلّق بهذا الموضوع ، واعتبروه هباءً منثوراً لا قيمة له ، ولا يجوز النظر فيه ، بل وأكثر من ذلك يردّون ويضعفون كلّ ما ورد عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في كلّ المواضيع التي تتعلّق بالسيّدة الزهراء عليهاالسلام ، مع أنّ جميع
__________________
(١) الأنبياء : ١٠٧.