وقد نزلت هذه الآية في الصحابة الذين كانوا يصلون الجمعة مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حتّىٰ إذا دخل دحية الكلبي ـ وكان مشركاً ـ المدينة بتجارة من الشام فترك الصحابة المسجد وخرجوا إليه ولم يبق معه صلىاللهعليهوآلهوسلم إلاّ اثنا عشر رجلاً علىٰ رواية ، حتّىٰ قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيهم : « لو اتّبع آخرهم أوّلهم لالتهب الوادي عليهم ناراً » (١).
ونأتي إلىٰ سورة التحريم حيث ترىٰ عجباً ، إذ فضحت هذه السورة زوجتين من زوجات الرسول وهما عائشة وحفصة ، حيث جاء في سبب نزولها أن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يأتي زينب بنت جحش ويأكل عندها عسلاً ، فاتفقت عائشة مع حفصة علىٰ أن تقولا للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم إنّ فيك رائحة مغافير ( الثوم ) ، وهكذا كان إلىٰ أن قال الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لقد حرّمتُ العسل علىٰ نفسي » ، فنزلت سورة التحريم ومنها قوله تعالىٰ : ( إِن تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ ) (٢).
وصالح المؤمنين كما رواه البعض هو علي بن أبي طالب عليهالسلام (٣).
ومعنىٰ صغت كما قال الفخر الرازي في تفسيره : مالت عن الحقّ.
__________________
١) انظر تفسير الفخر الرازي سورة الجمعة ، تفسير الدر المنثور ٨ : ١٦٥ ، تفسير الطبري ٢٨ : ٦٧ ـ ٦٨.
٢) سورة التحريم : ٤.
وأنظر قصة المغافير هذه في صحيح البخاري ٦ : ١٩٤.
٣) أنظر تفسير روح المعاني للالوسي البغدادي ١٤ : ٣٤٨. في تفسيره لسورة التحريم.