وتشاء الأقدار أن تجمعني بصديق قديم وزميل دراسة كنّا تفارقنا مدة من الزمن وإذا بي أسمع أنه شيعيّ ؟!
لقد كنت أعتقد أنّ المذهب السنّي هو المذهب الصافي وخاصة أتباع الإمام مالك إمام دار الهجرة حيث أنّ أكثر إفريقيا مالكيّون ، وكنت أعتقد أنّ بقية المذاهب الثلاثة وإن كانت علىٰ الحق لكن المذهب المالكي أصفاها وأحقّها ، نعم كانت أحياناً تجول في خاطري تساؤلات حول الاختلافات التي ما بين هذه المذاهب الأربعة وكنت لا أرىٰ مبرّراً لاختلافها ، نعم لقد تعلّمنا منذ صغرنا أن اختلافها رحمة وأنهم كلهم من رسول الله ملتمس ، لكن كان في نفسي من ذلك ما كان ، لكني قنعت بحجّة شيوخنا أو ربمّا أقنعت بها نفسي.
وكنت قاطعاً ببطلان مذهب الشيعة وأنهم متطرفون في عقائدهم ، وكنت أسمع ما كان ينقله البعض حول بكاءهم علىٰ الحسين وسبّهم للصحابة فيزداد عجبي ، وكنت أتمنّىٰ أن ألتقي بواحدٍ منهم لاُقنعه أو علىٰ الأقل لأعرف لماذا هم هكذا.
كان أوّل ماناقشني فيه صديقي الشيعي حديث العشرة المبشّرين بالجنة (١) وقال لي : هل يُعقل أن يكون طلحة والزبير وعلي في الجنة وقد قتل بعضهم بعضاً وشتم بعضهم بعضاً ؟! وهل يعقل كذلك أن يكونوا في النار ؟!
فكان ممّا أجابني به أنّ الصحابة علىٰ ثلاثة أقسام : قسم الثابتين بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقسم المرتدّين ( فعلاً لا قولاً ) ، وقسم المنافقين ، وعليه لا
__________________
١) أنظر ذلك في سنن ابن ماجة ١ : ٤٨ ، باب فضائل العشرة.