مدوّنة حتى صارت
مرجعاً بعده لا خلاف في صحتها ، وحمورابي ليس نبياً وليس مبعوثاً لقومه ولا لجميع البشر ، لكنه اتخذ التحوطات اللازمة لحفظ تلك القوانين ، فهل كان حمورابي أكمل وأبعَد نظراً من سيّد الخلق صلىاللهعليهوآلهوسلم ؟
وفي العصر الحاضر لا نجد دولة إلاّ ولها
دستورٌ مدوّنٌ في كتاب ، فهل هذه الدول أكثر حضارةً وتنظيراً من دولة الإسلام ؟
هذه بعض الاشكالات التي ترد علىٰ هذه
النظرية.
وقد يردّ علينا أصحابها بقولهم : لقد
ترك النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
الكتاب والسنة دون جمع لأنه كان يعلم أنهما سيجمعان مستقبلاً فتركهما للأمة.
وهذا ادّعاء لا دليل عليه ، فقد كان
الناس يقرأون في حياة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
( الْيَوْمَ
أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ )
، فالدين كامل وجاهز كي ينتشر في أرجاء المعمورة ، ومن مصاديق هذا الكمال كون الكتاب والسنّة مجموعين حتّىٰ ينتشرا في البلاد المفتوحة ، فالدين كامل قبل أمر عمر لأبي بكر بجمع القرآن ، وقبل ولادة الزهري ومالك والبخاري.
وإضافة لهذا ، فإنّ الصحابة ـ وكلَّ
البشر ـ مكلَّفون وليسوا مؤلفين ، وليس لهم شأن بجمع الكتاب والسنة لأنهما من عند الله وهو الذي أنزلهما وهو الذي تكفل بحفظ كتابه (
إِنَّا
نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ
) .
ومع هذا سنواصل السير مع أصحاب هذه
النظرية ونفترض أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
ترك الكتاب والسنة دون جمع ، لعلمه أن سيجمعان مستقبلاً.
__________________