وتخلفت عنا الانصار بأسرها (١) ، وإني بجرد احصائي لاسماء المخطّئين للخلفاء الثلاثة ، وقفت على ان اكثر لهؤلاء المخطّئين كانوا من المدونين والانصار (٢) ، وهذا يرشدنا إلى التخالف السياسي والفقهي بينهما ، إذن يجب الاستفادة من مرويات هؤلاء كمحور ثانٍ للوقوف على فقهنا ، ولا اريد بكلامي أن اقول بأن الانصار كلهم صالحون ، فهناك نسبة عالية يروون بمثل ما روى ائمتنا عن رسول الله ، وفي الوقت نفسه لا ننكر وجود شخصيات من الانصار يقوّمون النهج الحاكم ، كزيد بن ثابت ، فلو قمت بمقارنة بسيطة بين روايات زيد بن ثابت وعبدالله بن مسعود مثلاً لعلمت بأن مرويات ابن مسعود عن رسول الله هي الاقرب لما ترويه مدرسة أهل البيت عن رسول الله. أمّا زيد بن ثابت فمرويّاته تتقاطع مع مرويّات أهل البيت.
وهكذا الحال بالنسـبة إلى عائشة وأم سلمة ، فروايات عائشة طالما صبت في إطار الفقه الحاكم ، بخلاف مرويات السيدة أم سلمة الموافقة لمدرسة أهل البيت ، في كثير من الاحيان.
فمما اقترحه في هذا المجال هو القيام بدراسات مقارنة بين هكذا شخصيات من النهجين ، لتوضيح معالم النهجين ، ولا ارى ان
__________________
(١) صحيح البخاري ٤ : ١١١ تاريخ الطبري ٤٤٦٦٢ ، مسند أحمد ١ : ٥٥.
(٢) انظر ما كتبه الاستاد المحاضر في المجلد الثاني من كتابه « وضوء النبي » صفحة ٤١١ ـ ٤٣٥ نسبه الخبر إلى عبدالله بن زيد الانصاري.