و ( بِعْتُ ) زَيداً الدارَ يَتَعَدَّى إلى مَفْعُولَيْن وكثُر الاقْتِصَارُ على الثانِى لأنَّه المقْصُودُ بالإِسْنَادِ ولهذا تَتِمُّ بِهِ الفَائِدَةُ نحوُ بِعْتُ الدَّارَ ويَجُوزُ الاقْتِصَارُ عَلَى الأوّل عند عَدَمِ اللَّبْسِ نحوُ بِعْتُ الأمِيرَ لأنّ الأميرَ لا يَكُونُ ممْلُوكاً يُبَاعُ وقد تَدْخُلُ مِنْ عَلَى المفْعُولِ الأوّلِ على وَجْهِ التوْكِيدِ فيُقَالُ بِعْتُ منْ زَيدٍ الدارَ كَمَا يُقَالُ كَتَمْتُهُ الحَدِيثَ وكتمْتُ مِنْهُ الحَدِيثَ وسَرَقْتُ زَيداً المَالَ وسرَقْتُ منه المَالَ ورُبَّما دَخَلَتِ اللامُ مَكَانَ مِنْ يقالُ بعتُكَ الشيءَ وبِعْتُه لَكَ فاللامُ زَائِدَة زِيادَتَها فى قولِهِ تعالى ( وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ ) والأصْلُ بَوَّأَنا إِبْرَاهِيمَ و ( ابْتَاعَ ) زيدٌ الدَارَ بمعنَى اشْتَرَاها و ( ابْتَاعَهَا ) لِغَيْرِه اشْتَراهَا لَهُ ( بَاعَ ) عليهِ القَاضِى أى من غَيْرِ رِضَاهُ وفى الحَدِيثِ « لا يَخْطُبِ الرَّجُلُ على خِطْبَةِ أَخِيهِ ولا يَبعْ على بَيْعِ أخِيهِ ». أى لا يَشْتَرِ لأن النَّهْىَ فى هذَا الحدِيثِ إِنَّمَا هُوَ عَلَى المُشْتَرِى لا عَلَى البَائِعِ بِدَلِيلِ روايةِ البُخَارِىِ « لَا يَبْتَاعُ الرَّجُلُ على بَيْعِ أخِيهِ ». ويُؤَيِّدُه « يَحْرُمُ سَوْمُ الرَّجُلِ على سَوْمِ أَخِيهِ ». و ( الْمُبْتَاعُ ) ( مَبِيعٌ ) على النقْصِ و ( مَبْيُوعٌ ) على التّمَامِ مثلُ مَخِيطٍ ومَخْيُوطٍ والأصلُ فى البَيْعِ مُبَادَلَةُ مَالٍ بمَالٍ لِقَوْلِهِم ( بَيْعٌ ) رَابِحٌ و ( بَيْعٌ ) خَاسِرٌ وذلك حقيقةٌ فى وَصْفِ الأَعْيَانِ لكِنَّهُ أُطْلِقَ على العَقْدِ مجَازاً لأنَّهُ سبَبُ التَّمْلِيكِ والتَّمَلُّكِ وقولُهُم صحَ البَيْعُ أَوْ بَطَلَ ونَحوُه أَىْ صيغَةُ البَيْعِ لكنْ لمَّا حُذِفَ المُضَافُ وأُقِيمَ المُضَافُ إِليهِ مُقَامَهُ وهو مُذَكَّرُ أُسْنِدَ الفِعْلُ إليْهِ بلَفْظِ التذْكِيرِ و ( البَيْعةُ ) الصَّفْقَةُ على إيجابِ الْبَيْعِ وجمعُهَا ( بَيْعاتٌ ) بالسكُونِ وتُحَرَّكُ فى لُغَةِ هُذَيْلٍ كما تَقَدَّمَ فى بَيْضَةٍ وبَيْضَاتٍ وتُطْلَقُ أيْضاً على المُبَايَعَةِ والطَّاعَةِ ومنه ( أَيْمَانُ البَيْعَةِ ) وهى التى رتَّبَهَا الحَجَّاجُ مُشْتَمِلةً على أمورٍ مُغَلَّظَةٍ من طَلَاقٍ وعِتْقٍ وصَوْمٍ ونَحْوِ ذلكَ و ( البِيعَةُ ) بالكسْرِ لِلنَّصَارَى والجَمْعُ ( بِيَعٌ ) مثلُ سِدْرَةٍ وسِدَرٍ.
[ب ي ن] بَانَ : الأمرُ ( يَبينُ ) فهو ( بَيِّنٌ ) وجاءَ ( بَائِنٌ ) على الأصْلِ و ( أَبَانَ إِبَانَةً ) و ( بَيَّن ) و ( تَبيَّن ) و ( اسْتبانَ ) كلُّها بمعنَى الوُضُوحِ والانْكِشَافِ والاسمُ ( البَيَانُ ) وجَمِيعُهَا يُسْتَعْمَلُ لَازِماً ومُتَعَدِّياً إِلَّا الثُّلاثِيَّ فلا يكونُ إِلَّا لَازِماً و ( بَانَ ) الشيءُ إذا انْفَصَلَ فهو ( بَائِنٌ ) وَ ( أَبَنْتُهُ ) بالأَلِفِ فَصَلْتُه و ( بَانَتِ ) المرأةُ بالطَّلَاقِ فهى ( بَائِنٌ ) بغيرِ هَاءٍ و ( أَبَانَهَا ) زَوْجُها بالألِفِ فهى ( مُبَانَةٌ ) قال ابنُ السِّكِّيتِ فى كِتَابِ التوسِعَةِ وتَطْلِيقَةٌ ( بَائِنَةٌ ) والمعْنَى ( مُبَانَةٌ ) قال الصَّغَانِيُّ فاعِلَةٌ بمعنى مَفْعُولَة و ( بَانَ ) الحىُّ ( بَيْناً ) و ( بَيْنُونَةً ) ظَعَنُوا وبَعُدُوا و ( تَبَايَنُوا ) ( تَبَايُناً ) إِذَا كانُوا جميعاً فافْتَرَقُوا والبِينُ بالكسرِ ما انْتَهى إليهِ بَصَرُك من حَدَبٍ وغيرِه و ( البَيْنُ ) بالفتحِ من الأضدادِ يُطْلَقُ على الوصْلِ وعلى الفُرْقَةِ ومنه ( ذاتُ البَيْنِ ) للعَدَاوَةِ والبَغْضَاءِ وقولُهم ( لإصْلَاحِ ذَاتِ البَيْن ) أى لإصْلَاحِ الفَسَادِ بَيْنَ القَوْمِ والمُرَادُ إسْكانُ الثَّائِرَةِ و ( بَيْنَ ) ظرفٌ مُبْهَمٌ لَا يَتَبَيَّنُ معنَاه إِلَّا بإضَافَتِهِ إلى اثْنَيْن فَصَاعِداً أوْ مَا يَقُومُ مَقَامَ ذلك كقَولهِ تعالى ( عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ ) والمشهورُ فى العَطْفِ بَعْدَها أَنْ يَكُونَ بالوَاوِ لأنَّها للْجَمْعِ المطْلَقِ نحوُ ( المالُ بَيْنَ زَيْدٍ وعَمْرٍو ) وأجازَ بعضُهُمْ بالفَاءِ مُسْتَدِلًّا بقولِ امْرِئِ القَيْسِ :
بينَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ
وأجِيبَ بأنَّ الدَّخُولَ اسم لمواضِعَ شَتَّى فهو بمنْزَلةِ قوْلِكَ المالُ بينَ القَوْمِ وبها يَتِمُّ المعنَى ومثلُه قولُ الحرثِ بن حِلّزة :
أوقدتها بين العقيق فشخصين
قال ابنُ جِنِّى العقيقُ مكانٌ وشَخْصانُ أَكَمَةٌ ويقالُ جَلَسْتُ بينَ القَوْمِ أى وسْطَهُمْ وقولُهُم ( هذا بَيْنَ بَيْنَ ) هما اسْمَانِ جُعِلَا اسماً وَاحِداً وبُنِيَا على الفَتْحِ كخمْسَةَ عَشَرَ والتقْدِيرُ بينَ كذا وبَيْنَ كذا و ( الْمَتَاعُ بَيْنَ بَيْنَ ) أى بَيْنَ الجَيِّدِ والرَّدِئِ و ( بَيْنَ ) البَلَدَيْنِ ( بَيْنٌ ) أى تَبَاعُدٌ بالْمَسَافَةِ.
و ( أبْيَنُ ) وِزَانُ أَحْمَرَ اسمُ رَجُلٍ من حِمْيَرِ بَنِى عَدَنٍ فنُسِبَتْ إليهِ وقِيلَ ( عَدَنُ أَبْيَنَ ) وكَسْرُ الهمزَةِ لُغَةٌ و ( أَبَانُ ) اسمُ لجَبَلينِ أحدُهما ( أَبَانُ ) الأسْودُ لبِنَى أَسَدٍ والآخرُ ( أَبَانُ ) الأبيضُ لِبَنِى فَزَارَةَ وبَيْنَهُمَا نحوُ فَرْسَخٍ وقيلَ هما فى دِيَارِ بَنِى عَبْسٍ وبِهِ سُمِّىَ الرجلُ وهو فى تقْدِيرِ أَفْعَلَ لكنَّهُ أُعِلّ بالنَّقْلِ ولم يُعْتدَّ بالعَارِض فلا يَنْصَرِف قال الشاعرُ :
لَوْ لمْ يُفَاخِرْ بِأَبَانَ واحد
وبعضُ العَرَبِ يَعْتَدُّ بالعَارِض فَيَصْرِفُ لأنَّه لم يَبْقَ فِيهِ إلَّا العَلَمِيَّةُ وعليه قولُ الشاعرِ :
دَعَتْ سَلْمَى لرَوْعتها أَبانا
ومنهم مَنْ يَقُولُ وَزْنُهُ فَعَالٌ فيكُونُ مَصْرُوقاً على قَوْلهِمِ.