على ما يذهبون إليه! أو أنه مما لا يمكن أن يقول به أحد ، وأنه ـ لذلك ـ لا بد للجميع من الدخول تحت التأويل ، ثم يشرع فى تأويله هو ، رحمهالله ، على المنهج الذى أسلفنا الحديث عنه.
أما الدلالات فموضوعها الآيات المحكمات ، وهى التى يستدل بها القاضى على التوحيد والعدل ، وإن كان من غير اللازم ـ بالطبع ـ أن يكون قد التزم استقصاء هذه الآيات جميعا ، وبحسبه منها ما يدل على الحق فى بابه الخاص (١).
وبعد ، فإن هذا الترتيب الذى اتبعه القاضى فى كتابه ، هو ـ بلا شك ـ الترتيب الأفضل لمن كان همه الوقوف على الآيات المتشابهات فى القرآن ، ورد التمسك بظاهرها من قبل الجبرية ، والمجسمة ، والحشوية ، وسائر أهل الزيغ ، وهو كذلك الأقرب لطبيعة الإملاء الذى جرى عليه القاضى فى وضع الكتاب ، على عادته فى سائر كتبه ، وكما أوضح ذلك فى المغنى ، فى النص الذى نقلناه أنفا عند التعريف بهذا الكتاب.
ولكن الإفادة من كتابنا المتشابه ، فى دراسة أدلة الفرق المختلفة التى تستند فيها إلى آيات القرآن ـ سواء فى ذلك المعتزلة وغيرهم ، وسواء أكان استدلالا بالحق أم استدلالا بالباطل ـ ليست ميسرة على الوجه الأكمل ، على عكس ما لو كان ترتيب الكتاب موضوعيا ، عرض فيه المؤلف للمتشابهات والمحكمات فى المسائل المتنازع عليها ؛ واحدة واحدة ، كمسألة الرؤية ، أو خلق الأفعال ، أو الوعد والوعيد ، أو أية مسألة أخرى ، فأول المتشابه ، وأصّل الاستدلال
__________________
(١) انظر الفقرة : ١٢ من الكتاب.