ولما قدم الشيخ أبو محمد عبد الله بن عبد المؤمن الواسطى دمشق فى حدود سنة ثلاثين وسبعمائة وأقرأ بها للعشرة بمضمن كتابيه الكنز والكفاية وغير ذلك بلغنا أن بعض مقرئى دمشق ممن كان لا يعرف سوى الشاطبية والتيسير حسده وقصد منعه من بعض القضاة فكتب علماء ذلك العصر فى ذلك وأئمته ولم يختلفوا فى جواز ذلك واتفقوا على أن قراءات هؤلاء العشرة واحدة وإنما اختلفوا فى إطلاق الشاذ على ما عدا هؤلاء العشرة وتوقف بعضهم والصواب أن ما دخل فى تلك الأركان الثلاثة فهو صحيح وما لا فعلى ما تقدم.
وكان من جواب الشيخ الامام مجتهد ذلك العصر أبى العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية رحمهالله : لا نزاع بين العلماء المعتبرين أن الأحرف السبعة التى ذكر النبى صلىاللهعليهوسلم أن القرآن أنزل عليها ليست قراءات القراء السبعة المشهورة بل أول من جمع ذلك ابن مجاهد ليكون ذلك موافقا لعدد الحروف التى أنزل عليها القرآن ، لا لاعتقاده واعتقاد غيره من العلماء أن القراءات السبع هى الحروف السبعة أو أن هؤلاء السبعة المعينين هم الذين لا يجوز أن يقرأ بغير قراءتهم ، ولهذا قال بعض من قال من أئمة القراء لو لا أن ابن مجاهد سبقنى إلى حمزة لجعلت مكانه يعقوب الحضرمى إمام جامع البصرة وإمام قراء البصرة فى زمانه فى رأس المائتين ، ثم قال أعنى ابن تيمية : ولذلك لم يتنازع علماء الإسلام المتبعون من السلف والأئمة فى أنه لا يتعين أن يقرأ بهذه القراءات المعينة فى جميع أمصار المسلمين بل من ثبتت عنده قراءة الأعمش شيخ حمزة أو قراءة يعقوب الحضرمى ونحوهما كما ثبتت عنده قراءة حمزة والكسائى فله أن يقرأ بها بلا نزاع بين العلماء المعتبرين المعدودين من أهل الاجماع والخلاف ، بل أكثر العلماء الأئمة الذين أدركوا قراءة حمزة كسفيان بن عينية وأحمد بن حنبل وبشر بن الحارث وغيرهم يختارون قراءة أبى جعفر بن القعقاع ، وشيبة ابن نصاح المدنيين ، وقراءة البصريين كشيوخ يعقوب وغيرهم على قراءة حمزة والكسائى ، وللعلماء الأئمة فى ذلك من