لا تعد كثرة لم يذكر فيها أحد شيئا من ذلك. ونص ابن حزم إمام أهل الظاهر على التعوذ قبل القراءة ولم يذكر غير ذلك وأما الاستدلال بظاهر الآية فغير صحيح بل هى جارية على أصل لسان العرب وعرفه وتقديرها عند الجمهور إذا أردت القراءة فاستعذ وهو كقوله تعالى ( إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ) وكقوله صلىاللهعليهوسلم « من أتى الجمعة فليغتسل » وعندى أن الاحسن فى تقديرها : إذا ابتدأت وشرعت كما فى حديث جبريل عليهالسلام : فصلى الصبح حين طلع الفجر. أى أخذ فى الصلاة عند طلوعه. ولا يمكن القول بغير ذلك. وهذا بخلاف قوله فى الحديث : ثم صلاها بالغد بعد أن أسفر. فان الصحيح أن المراد بهذا الابتداء خلافا لمن قال إن المراد الانتهاء
ثم إن المعنى الذى شرعت الاستعاذة له يقتضى أن تكون قبل القراءة لأنها طهارة الفم مما كان يتعاطاه من اللغو والرفث وتطييب له. وتهيؤ لتلاوة كلام الله تعالى فهى التجاء إلى الله تعالى واعتصام بجنابه من خلل يطرأ عليه أو خطإ يحصل منه فى القراءة وغيرها وإقرار له بالقدرة. واعتراف للعبد بالضعف والعجز عن هذا العدو الباطن الذى لا يقدر على دفعه ومنعه إلا الله الذى خلقه ، فهو لا يقبل مصانعة ولا يدارى باحسان ولا يقبل رشوة ولا يؤثر فيه جميل بخلاف العدو الظاهر من جنس الانسان كما دلت عليه الآى الثلاث من القرآن التى أرشد فيها إلى رد العدو الانسانى والشيطانى فقال تعالى فى الاعراف ( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ ) فهذا ما يتعلق بالعدو الانسانى ثم قال ( وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ ) الآية. وقال فى المؤمنون ( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ) ثم قال ( وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ ) الآية. وقال فى فصلت ( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ ) الآيات. وقلت فى ذلك وفيه أحسن الاكتفاء وأملح الاقتفاء :