وتحتم أن لا يكون ذلك مما يخل بالمعنى ولا يخل بالفهم إذ بذلك يظهر الإعجاز ويحصل القصد ، ولذلك حض الأئمة على تعلمه ومعرفته كما قدمنا عن على بن أبى طالب رضى الله عنه قوله : الترتيل معرفة الوقوف وتجويد الحروف ، وروينا عن ابن عمر رضى الله عنهما أنه قال : لقد عشنا برهة من دهرنا وإن أحدنا ليؤتى الإيمان قبل القرآن وتنزل السورة على النبى صلىاللهعليهوسلم فيتعلم حلالها وحرامها وأمرها وزاجرها وما ينبغى أن يوقف عنده منها. ففي كلام على رضى الله عنه دليل على وجوب تعلمه ومعرفته وفى كلام ابن عمر برهان على أن تعلمه إجماع من الصحابة رضى الله عنهم. وصح بل تواتر عندنا تعلمه والاعتناء به من السلف الصالح كأبى جعفر يزيد بن القعقاع امام أهل المدينة الذى هو من أعيان التابعين وصاحبه الامام نافع بن أبى نعيم وأبى عمرو ابن العلاء ويعقوب الحضرمى وعاصم بن أبى النجود وغيرهم من الأئمة. وكلامهم فى ذلك معروف ، ونصوصهم عليه مشهورة فى الكتب ، ومن ثم اشترط كثير من أئمة الخلف على المجيز أن لا يجيز أحدا إلا بعد معرفته الوقف والابتداء. وكان أئمتنا يوقفوننا عند كل حرف ويشيرون الينا فيه بالأصابع. سنة أخذوها كذلك عن شيوخهم الأولين. رحمة الله عليهم أجمعين وصح عندنا عن الشعبى وهو من ائمة التابعين علما وفقها ومقتدى أنه قال : اذا قرأت ( كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ ) فلا تسكت حتى تقرأ ( وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ )
وقد اصطلح الأئمة لأنواع أقسام الوقف والابتداء أسماء ، وأكثر فى ذلك الشيخ أبو عبد الله محمد بن طيفور السنجاوندى. وخرج فى مواضع عن حد ما اصطلحه واختاره كما يظهر ذلك من كتابى : الاهتداء. وأكثر ما ذكر الناس فى أقسامه غير منضبط ولا منحصر
وأقرب ما قلته فى ضبطه أن الوقف ينقسم الى اختيارى واضطرارى. لأن الكلام اما أن يتم أولا ، فان تم كان اختياريا. وكونه تاما لا يخلو إما أن لا