المتأخّرين ـ في مقدّمة كتاب تحف العقول لابن شعبة (١) أنّه رواه عن ابن همام بعد ما وجد في كتاب التمحيص أنّه قال : حدّثني أبو علي محمّد بن همام ، حملا لظاهر قوله : حدّثني ، على أنّه غير ابن همام ، فاعتبر الكتاب أيضاً لابن شعبة.
أما الطائفة الثانية التي رجّحت الكتاب لابن همام ، أو أكّدته له ، كالمجلسيّ والخوانساريّ والنوريّ فقد اعتمدوا في أدلّتهم على ما يلي : ـ
|
١ ـ إنّ طريقة التأليف عند المشايخ في تلك العصور كانت تنسب الكتاب لنفس المؤلّف فيجعل المؤلّف نفسه بمنزلة المحدِّث ، فربما يقع اللبس حينئذ في نسبة الكتاب للمحدّث أو لمن أملى عليه من تلامذته الّذين ينقلون عنه كما وقع في كتاب « التمحيص ». وهذه الطريقة تجدها في كثير من كتب الكلينيّ والصدوق والشيخ المفيد وغيرهم. ولو راجعت كتاب « كامل الزيارات » لابن قولويه لوجدت نفس هذا النسق ، فيقول : أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه القمي الفقيه (٢) ، علماً بأنّ ابن قولويه ومحمّد بن همام من عصر واحد ، بل إنّ ابن همام من مشايخ ابن قولويه (٣). ٢ ـ عدم تحقّق طبقة صاحب « تحف العقول » لديهم حتّى يستظهروا ملاءمتها الرواية عن أبي عليّ محمّد بن همام أو عدمها (٤). وحقّاً فقد راجعنا كتب الرجال في تحقيق ما قالوا ولم يتحقّق لنا ما نعتمد عليه (٥). نعم ، إنّ الشيخ عليّ بن الحسين بن صادق البحرانيّ ذكر في رسالة في الأخلاق أنّ الشيخ المفيد نقل عنه (٦) ، إلاّ أنّه لم يحدّد الكتاب الّذي كان فيه النقل ، ومن هذه العبارة استفاد الشيخ الطهرانيّ فعده من مشايخ الشيخ المفيد اعتماداً على رسالة الأخلاق (٧) ، وقد راجعنا مشايخ الشيخ |
__________________
(١) مع إنّا لم نجد دليلاً لهذه الشهرة في روايته عن ابن همام حتّى في كتاب « تحف العقول » ، فتأمّل.
(٢) كامل الزيارات ص ١٠.
(٣) المصدر السابق باب ٧٣ ح ١ في ثواب من زار الحسين عليهالسلام في رجب.
(٤) راجع ملاحظة الميرزا النوريّ في المستدرك ج ٣ / ٣٢٦.
(٥) ولهذا أفردنا باباً فيمن روى عنه ابن همام ومن روى عن ابن همام ، فراجعه.