السّلطان المفرّج عن أهل الإيمان

السيد بهاء الدين علي بن عبد الكريم النيلي النجفي

السّلطان المفرّج عن أهل الإيمان

المؤلف:

السيد بهاء الدين علي بن عبد الكريم النيلي النجفي


المحقق: الشيخ قيس العطّار
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات دليل ما
المطبعة: نگارش
الطبعة: ١
ISBN: 964-397-118-X
الصفحات: ١١٣

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، أبي القاسم محمّد وعلى أهل بيته الطيّبين الطاهرين.

وبعد ،

فإنّ التشيّع كان وما زال وسيبقى الشرر اللاهب الذي يكوي جباه الطواغيت ويقضّ مضاجعهم ويقلّب جوانبهم على أحرّ من جمر الغضا ، وكان مسيرة الخير والعطاء الثرّ الذي يرفد العالم بالحضارة السامية ، وينادي بالحق والعدالة. ويرفع صوتها الذي حاول الظالمون خنقه عاليا.

لقد صدع رسول الله محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله بالرسالة ـ بعد أن انطلق من غيابه في غار حراء ـ وحذر وأنذر ووعد وأوعد ، فلم يصخ لدعوته إلاّ القلّة القليلة من عصبة الحقّ ، التي كان قائدها وإمامها علي بن أبي طالب ، الذي بذل كلّ أيّام عمره الشريف في سبيل المبادئ الحقة التي جاء بها الرسول الكريم عن الله العلي العظيم.

وقد وقفت قريش بغطرستها وجبروتها وبكلّ قواها في وجه الدعوة الجديدة ، محاولة القضاء عليها ، والإبقاء على موروثها الجاهلي.

والحفاظ على سيادتها وسلطتها ، وعدم التنازل عن موقعها الاجتماعي والسياسي والاقتصادي ، وإن كان ذلك على حساب سحق المبادئ واستعباد الحقيقة واضطهاد الشعوب.

١

من هنا جاءت الهجرة النبويّة المباركة إلى المدينة المنوّرة ، ليبدأ فصل جديد من الدعوة والكفاح عبر أمرّ المراحل وأصعب الظروف ، فكان غياب الرسول القسريّ عن مكّة المكرّمة ومجتمعها الذي أبى أن يسجد لله إلاّ تحت بارقة السيوف وفي ظروف الانكسار ، وذلك ما تجلّى في فتح مكّة المكرّمة.

لكنّ النفوس اللئيمة ظلّت تحوك المؤامرات ـ بعد أن عجزت عن المواجهة ـ ودأبت على التخطيط للمرحلة القادمة ؛ وهي مرحلة ما بعد غياب النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فعقدت صحائف الغدر ، ونكثت العهود والمواثيق التي جادت بها مراوغة وزورا واحتيالا.

فما إن مضى النبيّ محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى ربّه حتّى أمسكت عصائب الغدر بأزمّة الأمور ، عاضة بنواجذها عليها ، منقلبة على أعقابها ، كما أخبر الله تعالى في كتابه العزيز حيث يقول : ( وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ ) ، فعقدت فلتة السقيفة ، وأبعدت عليّا عليه‌السلام عن واجهة الأمور ، واغتصبت فدك فاطمة عليها‌السلام ، وخمس الآل ، وأحرقت بيت النبوّة والرسالة ، وجرت أمير المؤمنين عليه‌السلام مرموما ليبايع ضئيل تيم وو و ... فما كان بيت النبوّة إلاّ معقل الهموم ، وما كانت الزهراء إلاّ بيت الأحزان.

وغاب القائد عن دوره القيادي الريادي في ظلّ الحكم التيمي ، وما أعقبه من الحكم العدوي ، وما ثلّثوا به من الحكم الأموي. حتّى إذا كبت به بطنته ، وأجهز عليه عمله ، هرع المسلمون ليصححوا ما فرّطوا به ، باحثين عن المجد الإسلامي الضائع ، فكان دور الظهور العلوي وإعادة المسير النبوي ، لكن وقفت في وجه تلك المسيرة المباركة أغربة العصبيّة القبلية ، والتمييز الطبقي ، والمدّ القرشي مرّة أخرى ، فكان صدر عليّ عليه‌السلام وبئر الهموم والأسرار.

٢

حتّى إذا خضبت لحيته المباركة من دم رأسه الشريف ، قام زكيّ أهل البيت الحسن المجتبي عليه‌السلام بمهام الإمامة والخلافة ، إلاّ أنّ العواء الأموي القرشي أبى إلاّ أن يكون هو الحاكم المطلق المستبد المستعبد للمسلمين ، فكان الظلم والظلام.

بعد ذلك غاب السبط المجتبى وأخوه الحسين عليهما‌السلام متلفّعين ببرد الصمت المقهور بعد أن كانا متلفعين بكساء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله . ثمّ أطلق الإمام الحسين صرخته المدوية في وجه الظالمين ، ليثبّت في عالم اللوح أنّ الخلود للحق. وأنّ الامامة منصب إلهي لا يمكن أن يمحى من عالم الوجود ، فكانت كربلاء ، وكانت الدماء ، وكانت المأساة.

وهكذا ظلّت الحقيقة مجروحة القلب ، نازفة الوريد ، ظمآنة الفؤاد ، عبر دموع السجّاد عليه‌السلام ، وعلوم الصادقين عليهما‌السلام ، وسجن الكاظم عليه‌السلام ، وإبعاد الرضا عليه‌السلام ، واغتيال شباب الجواد عليه‌السلام ، وخان صعاليك الهادي عليه‌السلام ، فلمّا قرب بزوغ فجر المهدي المنتظر من آل محمّد ، ضربت قيود الحصار على الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام من قبل الظالمين ، ليئدوا الشمس في مهدها ، لكنّ الله أبى إلاّ أن يتمّ نوره ولو كره الكافرون.

لقد ولد الإمام المهدي المنتظر بعين الله ، واستبشرت به ملائكة السماء ، وسرّت به قلوب المؤمنين ، وأخبر والده خلّص الشيعة بهذا المولود الكريم ، فرأوه وآمنوا به ، وظهرت لهم منه المعاجز والكرامات ، وكان المؤمّل للنجاة والخلاص ، فخاف الظالمون من هذا النور الإلهي الذي بشّر به الله ورسوله والأئمّة ، فأرادوا أن يغتالوه وهو في عمر الورد ، فوقعت الإرادة الربانيّة بغيبته الصغرى ، وكانت السفارة والسفراء. ثمّ شاء الله أن تقع الغيبة الكبرى حتّى يأذن هو سبحانه وتعالى بالفرج ؛ فرج آل محمّد.

٣

وفي خضمّ هذا الصراع الطويل بين الحق والباطل ، والنور والظلام ، والإمامة والتسلّط ، دأب السلطويون وأتباع الظلمة والفراعنة على تزييف الحقائق ، وإنكار كلّ ما يمتّ إلى وجود هذا الإمام المنتظر بصلة ، مفترضين أنّه لم ير النور بعد ، متجاوزين على كتاب الله وسنة رسوله وسيرة الأئمّة المعصومين عليهم‌السلام.

ولقد قال قائلهم (١) قصيدة له نكراء ـ أرسلها من بغداد إلى النجف الأشرف ـ ينكر فيها وجود الإمام المهدي ، مطلعها :

أيا علماء العصر يا من لهم خبر

بكل دقيق حار في مثله الفكر

لقد حار منّي الفكر في القائم الذي

تنازع فيه الناس والتبس الأمر

فتصدى له رهط من العلماء الشعراء ، فأجابوه بقصائد عصماوات أثبتوا فيها الحق ودفعوا الباطل ، منهم المفسّر العلاّمة المرحوم الشيخ محمّد جواد البلاغي ، حيث أجابه بقصيدة مطلعها :

أطعت الهوى فيهم وعاصاني الصبر

فها أنا مالي فيه نهي ولا أمر

يقول فيها :

وها هو بين الناس كالشمس ضمها

سحاب ومنها يشرق البرّ والبحر

به تدفع الجلي ويستنزل الحيا

وتستنبت الغبرا ويستكشف الضرّ

ويقول مخاطبا للمعترض :

فدع عنك وهما تهت في ظلماته

ولا يرتضيه العبد كلاّ ولا الحرّ

وقد جاء في الآثار عن كلّ واحد

أحاديث يعيى من تواترها الحصر

تعرفنا ابن العسكري وأنّه

هو القائم المهدي والواتر الوتر

__________________

(١) وهو وإن لم يذكر اسمه ، إلاّ أن الظاهر أنّه محمود شكري الآلوسي.

٤

كما أجابه العلاّمة الأديب الشيخ المرحوم محمّد حسين كاشف الغطاء بقصيدة مطلعها :

بنفسي بعيد الدار قرّبه الفكر

وأدناه من عشّاقه الشوق والذكر

تستّر لكن قد تجلّى بنوره

فلا حجب تخفيه عنهم ولا ستر

ولاح لهم في كلّ شيء تجلّيا

فلا يشتكى منه البعاد ولا الهجر

كما أجابها العلاّمة المرحوم السيّد محسن الأمين بقصيدة مطلعها :

نأوا وبقلبي من فراقهم جمر

وفي الخدّ من دمعي لبينهم غمر

يقول فيها :

وقد كان في السرداب أعظم آية

من الحجة المهدي حار بها الفكر

أرادوا به سوءا فخيب سعيهم

وعاقبة البغي الندامة والثبر

وعلى كلّ حال ، فإن الحقيقة لا تهتضم ، وإذا اهتضمت ثأرت لنفسها ، ولذلك تجد جمّا غفيرا من علماء العامّة أنصفوا وأعطوا المسألة حقّها ، فاعترفوا بوجود الإمام الحجّة ، وأنّه مولود ، وأنّه غاب بإذن الله ، وما زال حيّا يرزق ، إلى أن يأذن الله في ظهوره ، والقائلون بهذا من العامّة قرابة مائة نفس من علمائهم ، منهم :

ابن طلحة الشافعي ، والشافعي الكنجي ، وابن الصبّاغ المالكي ، وسبط ابن الجوزي ، ومحيي الدين بن عربي ، وعبد الرحمن الجامي ، وعبد الحق الدهلوي ، وابن الخشاب البغدادي ، والمتقي الهندي ، وابن روزبهان الشيرازي ، والناصر لدين الله العبّاسي ، والقندوزي الحنفي ، وصلاح الدين الصفدي ، وصدر الدين القونوي ، وجلال الدين الرومي ، ومحمّد الصبان المصري ، ورشيد الدين الدهلوي ، وولي الله الدهلوي ، وعبد العزيز الدهلوي ، وشمس الدين ابن الجزري الشافعي ،

٥

وعبد الرحمن السيوطي ، والحافظ محمّد بن مسعود البغوي ، وابن حجر الهيتمي ، والسيّد مؤمن الشبلنجي ، وابن الوردي صاحب تتمة المختصر في أخبار البشر ، والشيخ علي القاري ، والميبدي صاحب شرح الديوان ، وابن خلّكان ، والقرماني صاحب أخبار الدول ، والزرندي الحنفي ، ومحبّ الدين بن النجّار صاحب ذيل تاريخ بغداد ، وابن الأثير الجزري ، وأبو الفداء المؤرخ المعروف ، وعلاء الدولة السمناني ، وابن شحنة الحنفي ، ومحمّد خواند أمير صاحب روضة الصفا ، والديار بكري صاحب تاريخ الخميس ، وابن العماد الحنبلي ، والشبراوي ، وآخرون كثيرون ليس هذا محل استقصائهم.

غير أنّ الذي ينبغي أن نقوله : هو أنّ اختراق الحقيقة لحجب الظلام ، إنّما كانت بفضل الجهود المضنية المتظافرة لأتباع مذهب الحق مذهب أهل البيت عليهم‌السلام ، حيث حفظوا ورووا ودوّنوا وشرحوا وبيّنوا وبثّوا روايات أهل العصمة ، حتّى تمت الحجّة الإلهيّة ( فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ ) فاهتدى بنورها من شاء أن يهتدي ، وضلّ عنها من شقي وخاب ، وكان من السبّاقين في هذا المضمار مؤلف هذا الكتاب السيّد بهاء الدين علي بن عبد الكريم الحسيني النيلي النجفي.

المؤلّف :

هو السيّد علي بن عبد الكريم بن عبد الحميد بن عبد الله بن أحمد بن حسن بن علي بن محمّد بن علي بن عبد الحميد بن عبد الله بن اسامة بن أحمد بن علي بن محمّد ابن عمر بن يحيى بن الحسين بن أحمد بن عمر بن يحيى بن الحسين بن زيد بن الإمام زين العابدين عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم‌السلام (١).

__________________

(١) النسب كاملا مأخوذ عن منتخب الأنوار المضيئة عن المؤلّف نفسه في كتابه الأنوار المضيئة.

٦

ولادته :

لم ينصّ المترجمون للسيّد المؤلّف على سنة ولادته ، لكنّ الظاهر أنّ سنة ولادته هي حدود سنة ٧٤٠ ه‍ فما قبلها ، لأنّ أحد مشايخه هو السيّد عميد الدين عبد المطّلب بن محمّد بن علي بن الأعرج الحسيني المتوفّى سنة ٧٥٤ ه‍ ، فأقلّ ما يفترض بشكل طبيعي للتلمذة هو أن يكون عمر السيّد المؤلّف ١٤ عاما حين التلمذة ، فتكون ولادته حدود سنة ٧٤٠ ه‍.

مشايخه :

١ ـ سعيد بن رضي الدين البغدادي ، أو سعيد بن أحمد بن الرضي (١).

٢ ـ جدّه السيّد عبد الحميد بن عبد الله بن أحمد ، وقد صرّح بالنقل والرواية عنه في كتابيه « الدرّ النضيد » و « الأنوار المضيئة » (٢).

٣ ـ عبد الرحمن بن محمّد بن إبراهيم العتائقي الحلّي ، المتوفّى حدود سنة ٧٩٠ ه‍ ، لأنّه فرغ من كتابه « صفوة الصفوة » سنة ٧٨٧ ه‍ ، والعتائقي من علماء الحلّة ، ولد وتعلّم فيها ، ومال إلى الفلسفة والتاريخ ، وساح في فارس وغيرها سنة ٧٤٦ ه‍ ، وأقام في أصفهان ، ثمّ عاد إلى الحلّة ، ثمّ رحل إلى النجف ، والعتائقي نسبة إلى العتائق قرية من قرى الحلّة (٣). وله مؤلّفات كثيرة.

قال السيّد النيلي : ومن ذلك بتاريخ صفر لسنة خمس وثمانين وسبعمائة حكى إليّ

__________________

(١) انظر الحديث ١٥ من كتاب « السلطان المفرّج عن أهل الإيمان » إذ يبدو أنّه ينقل عنه مباشرة.

(٢) انظر الذريعة ٨ : ٨٢ ، ٢ : ٤١٥ ، ومقدمة منتخب الأنوار المضيئة : ٢١.

(٣) انظر الأعلام ٣ : ٣٣٠ ، ومعجم المؤلفين ٥ : ١٦٧ ، وخاتمة المستدرك ٣ : ٢٠٦ ، والذريعة في عدّة أماكن ، منها ١٣ : ١١٧ و ١٧٦ و ٢٧٦ و ٣٨٢ و ٣٩١ ، ١٤ : ١٣٠.

٧

شفاها المولى الأجل الأوحد ، العالم الفاضل ، القدوة الكامل ، المحقّق المدقّق ، جامع الفضائل ، ومرجع الأفاضل ، افتخار العلماء في العالمين ، كمال الملّة والدنيا والدين ، عبد الرحمن ابن العتائقي (١) ....

٤ ـ السيّد عميد الدين عبد المطّلب بن محمّد بن علي بن الأعرج الحسيني ، المتوفّى سنة ٧٥٤ ه‍ ، وهو ابن اخت العلاّمة الحلّي (٢).

٥ ـ السيّد ضياء عبد الله بن محمّد بن علي بن الأعرج الحسيني ، ابن اخت العلاّمة الحلّي (٣).

٦ ـ الشيخ فخر المحقّقين فخر الدين محمّد بن الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّيّ ، المتوفّى سنة ٧٧١ ه‍ ، وهو ابن العلاّمة الحلّي (٤).

٧ ـ الشيخ الحاج القاري المجوّد ، الصالح الخيّر ، الزاهد ، العابد العالم المحقّق ، شمس الدين محمّد بن قارون ، وهو من الأعيان الأماثل ، وأهل التصديق الأفاضل (٥).

٨ ـ السيّد تاج الدين أبو عبد الله محمّد بن القاسم بن معية الحسني الديباجي ، المتوفّى سنة ٧٧٦ ه‍ (٦).

__________________

(١) الحديث (٣) من كتاب السلطان المفرّج من أهل الإيمان.

(٢) انظر الذريعة ٢ : ٣٩٧ و ٤١٥ ، وخاتمة المستدرك ٢ : ٣٠١ ، الطبقات ٣ ـ القرن الثامن ـ ص ١٤٢.

(٣) انظر الذريعة ٢ : ٣٩٧ و ٤١٥ ، وخاتمة المستدرك ٢ : ٣٠١ ، والطبقات ٣ ـ القرن الثامن ـ ص ١٤٢ ، وأعيان الشيعة ٨ : ٦٩.

(٤) انظر الذريعة ٢ : ٣٩٧ و ٤١٥ ، وخاتمة المستدرك ٢ : ٣٠١ ، والطبقات ٣ ـ القرن الثامن ـ ص ١٢٤ و ١٨٥.

(٥) انظر الأحاديث (١) (٢) (٥) من كتاب « السلطان المفرّج عن أهل الإيمان ».

(٦) انظر عوالي اللئالي ١ : ٢٥ / ح ٨ ، والطبقات ٣ ـ القرن الثامن ـ ص ١٩٧.

٨

٩ ـ الشيخ شمس الدين أبو عبد الله محمّد بن جمال الدين مكّي ، المعروف بالشهيد الأوّل ، المستشهد سنة ٧٨٦ ه‍ (١).

١٠ ـ يحيى بن النحل الكوفي الزيدي ، وصفه بأنّه خطيب واعظ استاذ شاعر (٢).

تلامذته :

١ ـ الشيخ جمال الدين أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن فهد الحلّي ، المتوفّى سنة ٨٤١ ه‍ (٣).

٢ ـ الشيخ عزّ الدين الحسن بن سليمان بن محمّد بن خالد الحلّي (٤).

هذا ما وقفنا عليه من مشايخه وتلامذته ، ولا شكّ أنّهم أكثر من ذلك بكثير ، لما ستقف عليه من كثرة مؤلّفاته المفقودة ، بل بعض الموجود منها غير مطبوع ، ومن الطبيعي أن يذكر فيها عددا آخر وفيرا من مشايخه ، وربّما تلامذته الراوين لكتبه ، وذلك ما ستكشف عنه الأيّام.

الثناء عليه :

لقد امتاز السيّد النيلي بميزات كثيرة ، وكان جامعا لعلوم وفنون شتّى ، فهو عالم ، محدّث ، فقيه ، شاعر ، صاحب كرامات ، ومؤلّفاته خير شاهد على عبقريّته

__________________

(١) انظر الذريعة ٢ : ٣٩٧ و ٤١٥ ، وخاتمة المستدرك ٢ : ٣٠١ ، والطبقات ٣ ـ القرن الثامن ـ ص ١٤٢.

(٢) انظر عوالي اللئالي ١ : ٢٥ / ح ٨.

(٣) انظر المهذّب البارع ١ : ١٩٤ ، والذريعة ٢ : ٤١٥ ، والطبقات ٣ ـ القرن الثامن ـ ص ١٤٢.

(٤) انظر مختصر بصائر الدرجات : ١٦٥ ـ ١٦٧ ، والذريعة ٢ : ٤١٥ ، والطبقات ٣ ـ القرن الثامن ـ ص ١٤٢.

٩

وجامعيّته ، ولعلّ ما صدر من الثناء والتقريض بحقّه من الأعلام أقلّ ممّا هو عليه من علوّ الشأن والمكانة.

قال تلميذه أبو العبّاس ابن فهد الحلّي : المولى السيّد المرتضى العلاّمة بهاء الدين علي بن عبد الحميد النسّابة (١).

وقال تلميذه الآخر الشيخ حسن بن سليمان الحلّي : السيّد الجليل الموفّق السعيد بهاء الدين علي بن عبد الحميد الحسيني أسعده الله بتقواه وأصلح أمر دنيا واخراه (٢).

وقال ابن أبي جمهور : وحدّث المولى السيّد المرتضى ، العلاّمة بهاء الدين علي بن عبد الحميد النسّابة (٣) ....

ووصفه المجلسي قائلا : السيّد المعظّم المبجّل بهاء الدين علي بن عبد الحميد الحسيني النجفي النيلي (٤).

وقال الأفندي في ترجمته : الفقيه ، الشاعر الماهر ، العالم الفاضل الكامل ، صاحب المقامات والكرامات العظيمة ... كان من أفاضل عصره وأعاظم دهره (٥).

وقال الميرزا النوري : السيّد الأجل الأكمل ، الأرشد المؤيّد ، العلاّمة النحرير ، بهاء الدين علي ... النيلي النجفي النسّابة (٦).

ووصفه في موضع آخر قائلا : السيّد الأجل النحرير (٧) ...

__________________

(١) المهذّب البارع ١ : ١٩٤. وانظر عوالي اللئالي ١ : ٢٥ / ح ٨.

(٢) مختصر بصائر الدرجات : ١٦٥ / ح ١٣٩. ووصفه مرّة اخرى بهذا الوصف في ص : ١٤٩ / ح ٥٠٨.

(٣) عوالي اللئالي ٣ : ٤٠ ـ ٤١ / ح ١١٦.

(٤) بحار الأنوار ٥٣ : ٢٠٢.

(٥) رياض العلماء ٤ : ١٢٤.

(٦) خاتمة المستدرك ٢ : ٢٩٦.

(٧) خاتمة المستدرك ٣ : ١٨٢.

١٠

وقال المحدّث القمّي : وله مؤلّفات شريفة قد أكثر من النقل عنها نقدة الأخبار وسدنة الآثار (١) ....

وقال في هديّة العارفين : النيلي ـ بهاء الدين علي بن غياث الدين عبد الكريم بن عبد الحميد الحسيني العلوي ، النيلي الأصل ، النجفي الموطن ، المعروف بالنسّابة ، من الشيعة الإماميّة (٢) ....

وفي إيضاح المكنون : بهاء الدين علي بن عبد الكريم النيلي ، الشيعي ، المعروف بالنسّابة (٣).

وكلمات المدح والثناء والإطراء في حقّ هذا العالم الأديب النسّابة كثيرة جدّا ، يكفي منها ما ذكرناه ، ولعلّ الوقوف على مؤلّفاته يفصح بشكل أكبر عن عبقريّة هذا الرجل ومنزلته العلميّة.

مؤلّفاته :

يبدو أنّ المؤلّف رحمه‌الله كان كثير التأليف ، حيث أغنى المكتبة الإسلاميّة بمجموعة رائعة من المؤلّفات في فنون شتّى ، وكلّما ظهر كتاب من كتبه إلى الوجود وقفنا على مؤلّفات اخرى له نصّ عليها وذكرها المؤلّف بنفسه ، فمن كتبه وآثاره التي وقفنا عليها :

١ ـ إصلات القواضب :

ويظهر أنّه في الردّ على المخالفين والنواصب ، حيث قال المؤلّف ـ تعليقا على

__________________

(١) سفينة البحار ٣ : ٦٢٤.

(٢) هدية العارفين ١ : ٧٢٦.

(٣) إيضاح المكنون ٢ : ١٣.

١١

الحديث (٣) الذي فيه قول الإمام عليه‌السلام « واتّق الشذاذ من آل محمّد » ـ : أمّا كونهم شذاذا فلأنّ الشاذّ هو الضعيف ، ولا شيء أضعف من مقالتهم ، ولا أوهن من حجّتهم ، وقدّمنا ذلك في كتابنا المسمّى بـ « إصلات القواضب ».

٢ ـ الإنصاف في الردّ على صاحب الكشّاف :

قال العلاّمة الطهراني : نسبه إليه السيّد حسين المجتهد الكركي المتوفّى سنة ١٠٠١ ه‍ في كتابه « دفع المناواة » ولا يبعد اتحاده مع أحد الكتابين اللّذين ذكرهما هو في كتابه الأنوار المضيئة (١). ويعني بالكتابين « تبيان انحراف صاحب الكشّاف » و « النكت اللطاف الواردة على صاحب الكشّاف ».

٣ ـ الأنوار المضيئة في الحكمة الشرعيّة الإلهيّة :

قال المحدّث النوري : كتاب الأنوار المضيئة في الحكمة الشرعيّة في مجلّدات عديدة قيل أنّها خمسة ، وقد عثرنا بحمد الله تعالى على المجلّد الأوّل منه ، وهو في الأصول الخمسة ، وفي ظهره فهرست جميع ما في هذه المجلّدات ، بترتيب بديع واسلوب عجيب ، بخطّ كاتب الكتاب ، وقد سقط من آخر الكتاب أوراق ، وتاريخ الفهرست يوم الأحد ١٧ جمادى الاولى بالمشهد الشريف الغروي ـ سلام الله على مشرّفه ـ سنة ٧٧٧ ه‍ ، ويظهر من قرائن كثيرة أنّها نسخة الأصل ، ويظهر من الفهرست أنّ في هذه المجلّدات ما تشتهيه الأنفس من الحكمة الشرعيّة العلميّة والعمليّة ، وأبواب الفقه المحمّدي ، والآداب والسنن ، والأدعية المستخرجة من القرآن المجيد (٢).

__________________

(١) الذريعة ٢ : ٣٩٧ / رقم ١٥٩٤.

(٢) مستدرك الوسائل ٨ : ٢٤٧.

١٢

ومواضيع هذه المجلّدات الخمسة على ما وصفها صاحب المعالم هي :

المجلّد الأوّل : في علم الكلام ، وفيه إثبات ما عليه الطائفة الاثنا عشريّة ، وبطلان غيره ، بالأدلّة النقليّة والبراهين العقليّة ، ونكت وفوائد جليلة ، وكلّ ذلك مستند إلى القرآن.

المجلّد الثاني : في بيان الناسخ والمنسوخ ، والمحكم والمتشابه ، والعامّ والخاص ، والمطلق والمقيّد ، وغير ذلك من مباحث اصول الفقه.

المجلّد الثالث والرابع : في فقه آل محمّد عليهم‌السلام (١) ...

المجلّد الخامس : مشتمل على أسرار القرآن وقصصه مع فوائد أخر (٢).

وقد طبع « منتخب الأنوار المضيئة » أخيرا ، وقوبل مع المجلّد الأوّل من أصل « الأنوار المضيئة » ، فكان المنتخب هو انتخاب من الباب الثاني عشر من باب الإمامة ، وهو الباب المختصّ بالإمام الثاني عشر الحجّة بن الحسن عليهما‌السلام ، وقد اشتمل المنتخب على اثني عشر فصلا :

الفصل الأوّل : في إثبات إمامته ووجوده وعصمته بالأدلّة العقليّة.

الفصل الثاني : في إثبات ذلك من الكتاب العزيز.

الفصل الثالث : في إثبات ذلك بالأخبار من جهة الخاصّة.

الفصل الرابع : في إثبات ذلك من جهة العامّة.

الفصل الخامس : في ذكر والدته وولادته.

__________________

(١) إلى هنا وصف صاحب المعالم حسب ما نقله عنه سبطه الشيخ علي. الذريعة ٢ : ٤١٧.

(٢) هذا المجلّد كان عند الشيخ علي سبط صاحب المعالم ، وقد وصف محتويّاته هو رحمه‌الله ، فقال : وقد اتفق لي شراء المجلّد الخامس من هذا الكتاب ، وهو مشتمل على أسرار القرآن ... الذريعة ٢ : ٤١٧.

١٣

الفصل السادس : في ذكر غيبته والسبب الموجب لتواريه عن شيعته.

الفصل السابع : في ذكر طول تعميره.

الفصل الثامن : في ذكر رواته ووكلائه.

الفصل التاسع : في ذكر توقيعاته.

الفصل العاشر : في ذكر من شاهده وحظي برؤيته.

الفصل الحادي عشر : في ذكر علامات ظهوره عليه‌السلام.

الفصل الثاني عشر : في ذكر ما يكون في أيّامه عليه‌السلام (١).

وقد أطلنا في وصف هذا الكتاب ومشخصاته لما له من علاقة بكتابنا هذا أعني « السلطان المفرّج عن أهل الإيمان » كما سيأتي.

٤ ـ إيضاح المصباح لأهل الصلاح :

وهو شرح للمصباح الصغير الذي اختصره شيخ الطائفة عن مصباحه الكبير ، وأكثره يتعلّق بالتراكيب العربية لكتاب المصباح ، وهو في مجلّدين موجودين في مكتبة آية الله العظمى السيّد شهاب الدين المرعشي النجفي ، برقم ٤٥٦٨ و ٨١٦٢ ، وكتب على الصفحة الاولى من المخطوطة أنّه ابتدأ بتأليفه في الحضرة الكاظميّة الجواديّة سنة ٧٨٤ ه‍ (٢).

٥ ـ تبيان انحراف صاحب الكشّاف :

صرّح المؤلّف في أوائل كتابه « الأنوار المضيئة » بأنّ له ثمانمائة إيراد على كتاب

__________________

(١) انظر مقدّمة منتخب الأنوار المضيئة : ٤٤ ، ومقدمة المنتخب : ٣ ـ ٤.

(٢) ونسبه العلاّمة الطهراني في الذريعة ٢ : ٥٠٠ خطأ للسيّد بهاء الدين علي بن عبد الكريم بن علي بن محمّد ابن محمّد بن علي بن جلال الدين عبد الحميد بن عبد الله بن اسامة الحسيني.

١٤

الكشّاف في مجلّدين ، أحدهما خاصّ بصاحب الكشّاف ، سمّاه « تبيان انحراف صاحب الكشّاف » والآخر عامّ سمّاه « النّكت اللطاف الواردة على صاحب الكشّاف » (١).

٦ ـ الدرّ النضيد في تعازي الإمام الشهيد :

صرّح المؤلّف في كتابه الأنوار المضيئة باسم هذا الكتاب وموضوعه وأجزائه ، حيث قال بعد الإشارة إلى مسألة حمل رأس الحسين عليه‌السلام إلى يزيد لعنه الله : وقد سبق لنا شرح هذا الحال وتفصيل هذا الإجمال في كتابنا المسمّى بـ « الدرّ النضيد في تعازي الإمام الشهيد » وهو ثلاثة عشر جزءا ... وهو كتاب لم يسبق إلى مثله أحد من الأصحاب في هذا الباب ... عشرة أجزاء منها تقرأ في ليال عشر ، والجزء الحادي عشر يقرأ في اليوم التاسع [ كذا ] ، والجزءان الآخران : أحدهما القتل والآخر الثأر (٢).

٧ ـ الرجال أو رجال النيلي :

قال الميرزا الأفندي : واعلم أنّ للسيّد علي بن عبد الحميد كتابا في الرجال ، لكن قد شاركه في تأليفه السيّد جلال الدين ابن الأعرج ، ثمّ نقل عن خطّ الشيخ علي سبط الشهيد عن خط الشيخ حسن ابن الشهيد ، ما ملخّصه أنّ المؤلّف رحمه‌الله كان منقطعا عن الناس ، وليس له اطلاع كاف على أحوالهم ، فلمّا أراد أن يكون كتابه الرجالي مشتملا على جميع علماء الأصحاب ، أو كل مهمّة ترجمة العلماء المتأخّرين

__________________

(١) انظر الذريعة ٣ : ١٧٨ و ٣٣٢. وقال رحمه‌الله أنّه رأى النقل عنه بعنوان « بيان الجزاف في تبيان انحراف صاحب الكشّاف ».

(٢) مقدمة منتخب الأنوار المضيئة : ٣١ ، عن الورقة ٨٧ من مخطوطة الأنوار المضيئة. وانظر الذريعة ٨ : ٨١ ـ ٨٢ / ٢٩٦.

١٥

للسيّد جمال الدين ابن الأعرج ، لثقته به واعتماده على قوله (١).

٨ ـ الزبدة :

قال المؤلّف في الأنوار المضيئة : وأقمنا البرهان على ذلك في كتابا المسمّى بالمفتاح ، وكذا في كتابنا المسمّى بالزبدة (٢).

٩ ـ سرور أهل الإيمان في علامات ظهور صاحب الزمان عليه‌السلام : وهو ينقسم إلى قسمين ، أوّلهما في علامات ظهور القائم عليه‌السلام ، وثانيهما في الأحاديث التي تشتمل على ذكر شيء ممّا يكون في أيّامه عليه‌السلام. وقد حقّقنا هذا الكتاب وهو ماثل للطبع.

١٠ ـ السلطان المفرّج عن أهل الإيمان : وهو الكتاب الماثل بين يديك.

١١ ـ الغيبة :

نقل عنه المجلسي روايات كثيرة ، لكنّها جميعا موجودة في سرور أهل الإيمان ، غير أنّه صرّح في أوّل كتاب سرور أهل الإيمان بأنّ أخباره منقولة من كتاب الغيبة (٣).

١٢ ـ المفتاح :

قال المؤلّف في الأنوار المضيئة : وأقمنا البرهان على ذلك في كتابنا المسمّى بـ « المفتاح » (٤).

١٣ ـ النكت اللطاف الواردة على صاحب الكشّاف :

صرّح المؤلّف في أوائل كتابه « الأنوار المضيئة » بأنّ له ثمانمائة إيراد على كتاب

__________________

(١) انظر رياض العلماء ٤ : ١٣١ ـ ١٣٣.

(٢) مقدمة منتخب الأنوار المضيئة : ٣٧ ، عن الورقة ١٨٨ من مخطوطة الأنوار المضيئة.

(٣) انظر ما سيأتي تحت عنوان « بقي شيء ».

(٤) مقدمة منتخب الأنوار المضيئة : ٣٧ ، عن الورقة ١٨٨ من مخطوطة الأنوار المضيئة.

١٦

الكشّاف في مجلّدين ، أحدهما خاصّ بصاحب الكشّاف سمّاه « تبيان انحراف صاحب الكشّاف » ، والآخر عام سمّاه « النكت اللطاف الواردة على صاحب الكشّاف » (١).

هذا ما وقفنا عليه من مؤلّفات هذا العالم الفاضل النسّابة الشاعر الأديب ، ونحن على يقين من أنّ العثور على مؤلّفاته أكثر فأكثر سيوقفنا على آفاق أوسع وصورة أوضح لعبقريّة هذا العالم الذي ظلّت كثير من مؤلّفاته طيّ النسيان.

وفاته :

كما لم ينصّ المترجمون للمؤلّف على ولادته ، كذلك لم ينصّوا على وفاته ، غير أنّه لا شكّ في أنّه توفّي في حدود سنة ٨٠٣ ه‍ ، وذلك لأنّ الشيخ أبا العبّاس ابن فهد الحلّي ، روى عنه مباشرة في كتابه « المهذّب البارع » داعيا له بدوام فضائله ، ممّا يعني أنّه كان حيّا آنذاك ، حيث أتمّ ابن فهد كتابه المهذّب البارع في سنة ٨٠٣ ه‍ ، فيكون السيّد النيلي متوفّى في هذه السنة أو قريبا منها.

نحن والكتاب :

هذه النسخة تضم كتابين ، الأوّل كتاب سرور أهل الإيمان ، والثاني السلطان المفرّج عن أهل الإيمان ، فقد كتب على الجهة اليمنى من الورقة الاولى من النسخة « كتاب الغيبة » ، وكتب على الجهة اليسرى منها « أخبار منقولة في غيبة حضرة إمامنا الحجّة المنتظر صاحب الزمان صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين ».

__________________

(١) انظر الذريعة ٣ : ١٧٨ و ٣٣٢.

١٧

ويبتدئ متن النسخة بكتاب سرور أهل الإيمان ، حيث ابتدأ بقوله « أخبار منقولة من خطّ السيّد السعيد الكامل علي ابن عبد الحميد من كتاب الغيبة ، أوّل لفظه رحمه‌الله : فمن ذلك ما صحّ لي روايته » ...

وانتهى كتاب سرور أهل الإيمان بقول الناسخ : « إلى هنا نقل من خطّ السيّد السعيد المرحوم علي بن عبد الحميد ، نقله العبد عبد الله وإن كان فيه بعض الكلمات لم يدركها العبد لصعوبة خط السيّد ». وقد ألحق به قصيدة ميمية للسيّد النيلي ، كتب بعدها « إلى هاهنا ما وجدنا [ من ] القصيدة الشريفة الميمية المسمّاة بالمحمّديّة في منقبة صاحب الزمان قاطع البرهان عليه وشريف آبائه أفضل التحيّة وأكمل السّلام ، للسيّد الأيّد الموفّق المؤيّد بهاء الملّة والشريعة والطريقة والحقيقة والدين علي بن عبد الحميد الحسيني نوّر الله تعالى ضريحه النفيس القدّيس بمنائح الغفران ، والحمد لله الكريم المنعم الديان ، وأكمل الصلاة وأفضل التحيّة والسّلام على محمّد وآله الطهر الكرام وسلّم تسليما كثيرا ».

بعد ذلك يبتدئ متن هذا الكتاب الذي بين يديك ، حيث يبتدئ من السطر ١٥ من الصفحة ٤٩ من الخطيّة ، ففيه « بسم الله الرحمن الرحيم ، أيضا نبذة منتقاة من كتاب السلطان المفرّج عن أهل الإيمان ، تأليف السيّد العالم الكامل الفاضل بهاء الملّة والدين علي بن عبد الحميد ، وهو منقول من خطّه ، فمن ذلك ما اشتهر وذاع » ....

وينتهي هذا الكتاب ـ وبه انتهاء النسخة ـ بقول الناسخ : « وأتى السيّد بأشياء في آخر الحكاية [ يعني حكاية المدائن الستّ ] حذفت لعدم الحاجة إليها ، هذا آخر ما وجد منقولا من خط السيّد علي بن عبد الحميد تغمّده الله برحمته وأسكنه بحبوحة

١٨

جنّته ، آمين ، والحمد لله وحده ، وصلّى الله على محمّد وآله الطيّبين الطاهرين أجمعين ».

وواضح من قوله في أوّل هذا الكتاب « نبذة منتقاة من كتاب السلطان المفرّج عن أهل الإيمان » ومن قوله في آخره « وأتى السيّد بأشياء في آخر الحكاية حذفت لعدم الحاجة إليها » ، أنّ الموجود في هذه النسخة ليس كلّ الكتاب وإنّما بعضه ، ويؤكّد ذلك ما استدركناه من كتاب مختصر بصائر الدرجات ، حيث صرّح تلميذ المؤلّف الحسن بن سليمان الحلّي بأنّه ينقل عن كتاب أستاذه ، فقال : ونقلت أيضا من كتاب السلطان المفرّج عن أهل الإيمان ، تصنيف السيّد الجليل الموفّق السعيد بهاء الدين علي بن عبد الكريم بن عبد الحميد الحسيني ، ما صورته » (١) ...

ومهما يكن الأمر فإنّ نقل تلميذه عن هذا الكتاب لا يدع مجالا للشكّ في انتساب هذا المؤلّف لمؤلّفه ، وأنّه هو رحمه‌الله سماّه بهذا الاسم.

وفي بحار الأنوار عند بيان الأصول والكتب المأخوذ منها : وكتاب الأنوار المضيئة ، وكتاب السلطان المفرّج عن أهل الإيمان ، وكتاب الدر النضيد في تعازي الإمام الشهيد ، وكتاب سرور أهل الإيمان ، كلّها للسيّد النقيب الحسيب بهاء الدين علي بن عبد الكريم بن عبد الحميد الحسيني النجفي (٢) ....

ونقل عنه في البحار عدّة حكايات ، ثمّ قال : هذا آخر ما أخرجناه من كتاب السلطان المفرّج عن أهل الإيمان (٣).

__________________

(١) مختصر بصائر الدرجات : ٤٢٩ / ح ٥٠٨.

(٢) بحار الأنوار ١ : ١٧.

(٣) بحار الأنوار ٥٢ : ٧٧.

١٩

وقال الميرزا النوري بعد نقله خبر المدائن الست عن ظهر كتاب التعازي : ورواه أيضا السيّد الجليل علي بن عبد الحميد النيلي في كتاب السلطان المفرّج عن أهل الإيمان ، عن الشيخ الأجل الأمجد الحافظ حجة الإسلام سعيد الدين رضي البغدادي ، عن الشيخ الأجل خطير الدين حمزة بن الحارث بمدينة السّلام (١) ....

وقال الطهراني في الذريعة : السلطان المفرّج عن أهل الإيمان للسيّد بهاء الدين علي بن عبد الكريم بن عبد الحميد الحسيني النيلي النجفي ... ينقل عنه في البحار ، وكذا في الدمعة الساكبة (٢) ، اختصره بعض علمائنا لا أعرف اسمه وعصره (٣) ....

وفي إيضاح المكنون : كتاب السلطان المفرّج عن أهل الإيمان ، لبهاء الدين علي ابن عبد الحميد النجفي الشيعي ، كان في حدود سنة ٨٠٠ ه‍ ، وهو استاذ ابن فهد الحلّي (٤).

وفي هديّة العارفين : النيلي بهاء الدين علي ... له الإنصاف في الردّ على صاحب الكشّاف .... كتاب السلطان المفرّج عن أهل الإيمان (٥).

__________________

(١) جنّة المأوى المطبوع مع البحار ٥٣ : ٢٢١.

(٢) ممّا يؤسف له أنّ القسم المختصّ بالحجّة عليه‌السلام من هذا الكتاب غير مطبوع ، وإلاّ لقابلنا ما نقله عن السلطان المفرّج وسرور أهل الإيمان مع ما في نسختنا من هذين الكتابين ، وربّما وجد فيه ما نستدركه.

وانظر الذريعة ١٢ : ١٧٣ / ضمن الرقم ١١٥٧ حيث صرّح بأنّ صاحب الدمعة ينقل عنهما.

(٣) الذريعة ١٢ : ٢١٧ / برقم ١٤٣٩. والظاهر أنّه يعني بالاختصار هذه النبذة المنتقاة. وإذا صحّ ما في هامش ٥ : ١٠٨ من الذريعة ـ ولم يكن من تصرّفات المنزوي ـ فإنّ العلامة الطهراني لم تكن عنده نسخة منه ؛ حيث قال في معرض الكلام عن الجزيرة الخضراء : قال شيخنا في جنّة المأوى بعد ذكر الحكاية أنّه ذكرها بهذا الإسناد السيّد علي بن عبد الحميد النيلي في كتابه السلطان المفرّج عن أهل الإيمان ، ولم أظفر بنسخته.

(٤) إيضاح المكنون ٢ : ٣٠٣.

(٥) هديّة العارفين ١ : ٧٢٦.

٢٠