أجوبة المسائل المهنائية

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

أجوبة المسائل المهنائية

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


الموضوع : الفقه
المطبعة: مطبعة الخيام
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٨٨

١

٢

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وخاتم النبيين محمد ، وآله البررة الميامين الأئمة المعصومين ، واللعن الدائم على أعدائهم ومبغضيهم الى يوم الدين.

وبعد : فقد تعارف في مجتمعنا العلمي تقديم نبذة عن حياة المؤلف الذي يراد نشر تأليفه ، وإعطاء صورة ولو مصغرة عن حياته وذكر أساتذته والمتخرجين عليه ، وإعطاء لمحة عن مميزاته وشخصيته ، ثم ذكر مؤلفاته ، وتاريخ ولادته ووفاته.

ولما عزم بعض المؤمنين على طبع المسائل الثلاث التي تقدم بها السيد الفاضل مهنا بن سنان وأجاب عليها العلامة الحلي ، طلب مني تحرير ترجمة مختصرة عن السائل لتلك المسائل والمسؤول عنه.

وما عساني أن أذكر عن رجل اتفقت علماء الطائفة بتقديسه وتعظيمه وشهدت مؤلفاته الغزيرة وآرائه الرصينة بأنه نابغة من نوابغ الدهر ، ونادرة من نوادر

٣

العصر ، ألا وهو شيخنا العلامة الحلي قدس الله روحه الطاهرة.

وما عساني أن أنوه أو أحلل شخصية رجل درس العلوم الإسلامية جمعاء ، فأتقنها ، وأصلح ما انحرف منها ، وأسس القواعد الرصينة لها ، وألف الموسوعات المختلفة فيها ، وفرض شخصيته العلمية وآرائه القيمة على المجتمع العلمي منذ عصره الى يومنا هذا.

وحيث اني أعترف بعجزي عن إعطاء صورة مبسطة كاملة عن المؤلف العظيم والنقل والاخبار وان كان يعطي بعضا من نواحي المؤلف الا ان نتاجه العلمي وآرائه الفكرية وتعمقه في القواعد العقلية والنقلية لخير ما يتعرف به عن شخصية المؤلف ومزاياه الفكرية ونبوغه وعلو مقامه.

وليس بالكثير لمن نال مشيخة الطائفة في زمانه ومرجعية الإمامية في عصره أن يكون متمتعا بالاحاطة بالآراء وأقوال مختلف الطوائف الإسلامية ومتحليا بقوة الاستدلال ورصانة التفكير وأصالة الرأي وأن يتحف العالم الإسلامي بموسوعات متعددة في العلوم الإسلامية وأن يكون منهجا عمليا للتعاليم الدينية وان يرتقي إلى مصاف عظماء الرجال ونوادر النوابغ الذين عرفتهم الإنسانية.

كلمات الأعلام في التعريف بالمؤلف

قال المولى عبد الله أفندي في رياض العلماء ج ١ ص ٣٥٨ ( الشيخ الأجل جمال الدين أبو منصور الحسن بن الشيخ سديد الدين يوسف بن علي بن محمد ابن المطهر الحلي.

الإمام الهمام العالم العامل ، الفاضل الكامل ، الشاعر الماهر ، علامة العلماء ، وفهامة الفضلاء ، أستاد الدنيا ، المعروف فيما بين الأصحاب بالعلامة عند الإطلاق والموصوف بغاية العلم ونهاية الفهم والكمال في الافاق.

وكان رحمه‌الله آية الله لأهل الأرض ، وله حقوق عظيمة على زمرة الإمامية

٤

والطائفة الحقة ، الشيعة الاثني عشرية ، لسانا ، وبيانا وتدريسا ، وتأليفا ، وقد كان رضي‌الله‌عنه جامعا لأنواع العلوم مصنفا في أقسامها ، حكيما ، متكلما ، فقيها ، محدثا ، أصوليا ، أديبا ، شاعرا ماهرا ، وقد رأيت بعض إشعاره ببلدة أردبيل ، وهي تدل على جودة طبعه في أنواع النظم ، وكان وافر التصنيف متكاثر التأليف ).

وقال ابن داود في رجاله ص ١١٩ برقم ٤٦١ ( الحسن بن يوسف بن مطهر الحلي ، شيخ الطائفة ، وعلامة وقته ، وصاحب التحقيق والتدقيق ، كثير التصانيف ، انتهت رئاسة الإمامية إليه في المعقول والمنقول ، مولده سنة ثمان وأربعين وستمائة ، وكان والده قدس الله روحه فقيها محققا مدرسا عظيم الشأن ).

وفي تأسيس الشيعة ( لم يتفق في الدنيا مثله ، لا في المتقدمين ولا في المتأخرين ، وخرج من عالي مجلس تدريسه خمسمائة مجتهد ).

ولادته ووفاته ومدفنه

ولد رضوان الله عليه في ٢٩ شهر رمضان سنة ٦٤٨ وارتحل الى الرفيق الأعلى ليلة السبت ٢١ محرم الحرام سنة ٧٢٦ وعمره ٧٧ سنة وثلاثة أشهر تقريبا وكانت وفاته بالحلة الفيحاء ، ونقل جثمانه الطاهر الى حمى أمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين ـ النجف الأشرف ـ ودفن في حجرة عن يمين الداخل الى المرقد الطاهر ـ الحضرة المقدسة ـ من الإيوان الشريف ، وقبره ظاهر يزار الى يومنا هذا.

علامتنا العظيم في خلقه وسيرته

كان رضوان الله تعالى عليه مثالا صادقا للملكات الفاضلة والسجايا العالية التي أمر بها كتابنا المقدس ونبينا الأقدس صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فكان زاهدا تقيا

٥

حليما متواضعا منكرا للذات خشنا في ذات الله وهذه الصفات القدسية والملكات المحمدية أرغمت حتى أعدائه بالاعتراف له بذلك فقد قال الصفدي عنه ( كان ريض الأخلاق ، حليما قائماً بالعلوم ، حكيما ، طار ذكره في الأقطار ، واقتحم الناس اليه المخاوف والاخطار ، وتخرج به أقوام ، وتقدم في آخر أيام خدابنده تقدما زاده حده ، وفاض على الفرات مده ).

ومن شواهد إنكاره للذات أنه لما اجتمع بعدوه اللدود ـ ابن تيمية ـ في المسجد الحرام وجرت بينهما من المباحث العلمية ومغلقات المسائل الدينية أعجب ابن تيمية بكلامه وقوة استدلاله فرضخ لعلمه وتقدمه وسأله مستوضحا أنه من يكون ، فلما عرفه نفسه انبسط اليه وأنس به. وحضوره في مجلس ـ خدابنده ـ ومناظرته مع علماء العامة مشهور مذكور.

مؤلفات المترجم

( مؤلفاته في الفقه )

١ ـ منتهى المطلب في تحقيق المذهب ، لم يصنف الى زمانه مثله ، ذكر فيه جميع مذاهب المسلمين في الفقه في سبع مجلدات ، وناقش أدلة الفقهاء ورجح بالدليل ما اختاره وكان تأليفه له في شهر ربيع الثاني سنة ٦٩٣.

٢ ـ تلخيص المرام في معرفة الأحكام.

٣ ـ غاية الأحكام في تصحيح تلخيص الأحكام.

٤ ـ مختلف الشيعة في أحكام الشريعة ، ذكر فيه خلاف علمائنا الإمامية في المسائل الفقهية وذكر دليل كل منهم وترجيح ما يوافق رأيه.

٥ ـ تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية تضمن فروعا فقهية مبتكرة جديدة.

٦ ـ تبصرة المتعلمين في أحكام الدين فقه مختصر وقد شرح عدة شروح.

٦

٧ ـ حاشية التلخيص.

٨ ـ تذكرة الفقهاء في الفقه المقارن.

٩ ـ ترتيب إرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان.

١٠ ـ تسليك الأفهام في معرفة الأحكام.

١١ ـ تسهيل الأذهان إلى أحكام الإيمان.

١٢ ـ مدارك الأحكام.

١٣ ـ قواعد الأحكام في معرفة الحلال والحرام.

١٤ ـ تهذيب النفس في معرفة مذاهب الخمس.

١٥ ـ تنقيح قواعد الدين المأخوذ عن آل ياسين.

١٦ ـ المنهاج في مناسك الحاج.

١٧ ـ رسالة في واجبات الحج وأركانه من دون ذكر الأدعية والمستحبات ونحوها.

١٨ ـ المعتمد في الفقه.

١٩ ـ رسالة في واجبات الوضوء والصلاة.

( مؤلفاته في أصول الفقه )

١ ـ النكت البديعة في تحرير الذريعة.

٢ ـ غاية الوصول وإيضاح السبل في شرح مختصر السؤال والأمل في علمي الأصول والجدل لابن حاجب.

٣ ـ مبادئ الوصول في علم الأصول.

٤ ـ نهج الوصول الى علم الأصول.

٥ ـ نهاية الوصول الى علم الأصول.

٧

٦ ـ تهذيب طريق الوصول الى علم الأصول.

٧ ـ منتهى الوصول إلى علمي الكلام والأصول.

( مؤلفاته في أصول الدين والاحتجاج والجدل )

١ ـ نظم البراهين في أصول الدين.

٢ ـ معارج الفهم في شرح النظم في الكلام.

٣ ـ الأبحاث المفيدة في تحصيل العقيدة.

٤ ـ نهاية المرام في علم الكلام.

٥ ـ كشف الفوائد في شرح قواعد العقائد.

٦ ـ مناهج أو منهاج اليقين في أصول الدين.

٧ ـ تسليك النفس الى حضرة القدس في نكات علم الكلام ودقائقه.

٨ ـ نهج المسترشدين في أصول الدين.

٩ ـ كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد.

١٠ ـ أنوار الملكوت في شرح الياقوت.

١١ ـ مقصد الواصلين في معرفة أصول الدين.

١٢ ـ منهاج الهداية ومعراج الدراية.

١٣ ـ كشف الحق ونهج الصدق.

١٤ ـ واجب الاعتقاد في الأصول والفروع.

١٥ ـ تحصيل السداد شرح واجب الاعتقاد.

١٦ ـ منهاج الكرامة في إثبات الإمامة.

١٧ ـ الألفين الفارق بين الصدق والمين.

١٨ ـ الرسالة السعدية.

١٩ ـ التناسب بين الأشعرية وفرق السوفسطائية.

٨

٢٠ ـ الباب الحادي عشر.

٢١ ـ استقصاء النظر في القضاء والقدر.

٢٢ ـ رسالة في خلق الأعمال.

٢٣ ـ منهاج السلامة إلى معراج الكرامة.

٢٤ ـ رسالة في تحقيق معنى الإيمان.

٢٥ ـ أربعون رسالة في أصول الدين.

٢٦ ـ إيضاح مخالفة السنة للكتاب والسنة.

٢٧ ـ رسالة في آداب البحث.

( مؤلفاته في التفسير )

١ ـ نهج الايمان في تفسير القرآن.

٢ ـ القول الوجيز في تفسير الكتاب العزيز.

( مؤلفاته في المعقول )

١ ـ القواعد والمقاصد في المنطق والطبيعي والإلهي.

٢ ـ الأسرار الخفية في العلوم العقلية من الحكمة والكلام والمنطق.

٣ ـ كاشف الإستار في شرح كشف الأسرار.

٤ ـ الدر المكنون في علم القانون في المنطق.

٥ ـ المباحث السنية والمعارضات النصيرية.

٦ ـ المقاومات.

٧ ـ حل المشكلات من كتاب التلويحات.

٨ ـ إيضاح التلبيس من كلام الرئيس.

٩ ـ مراصد التدقيق ومقاصد التحقيق.

٩

١٠ ـ المحاكمات بين شراح الإشارات.

١١ ـ كشف الخفاء من كتاب الشفا.

١٢ ـ القواعد الجلية في شرح الرسالة الشمسية في المنطق.

١٣ ـ الجوهر النضيد في شرح منطق التجريد.

١٤ ـ نهج العرفان في علم الميزان في المنطق.

١٥ ـ إيضاح المقاصد من حكمة عين القواعد.

١٦ ـ نهج العرفان في علم الميزان.

١٧ ـ بسط الإشارات وهو شرح الإشارات لابن سينا.

١٨ ـ تحصين الملخص.

١٩ ـ الإشارات إلى معاني الإشارات.

٢٠ ـ لب الحكمة.

٢١ ـ النور المشرق في المنطق.

٢٢ ـ إيضاح المعضلات في شرح الإشارات.

٢٣ ـ التعليم الثاني العام.

٢٤ ـ كشف المشكلات من كتاب التلويحات.

٢٥ ـ شرح حكمة الإشراق.

( مؤلفاته في الحديث )

١ ـ استقصاء الاعتبار في تحرير معاني الأخبار.

٢ ـ مصابيح الأنوار.

٣ ـ الدر والمرجان في الأحاديث الصحاح والحسان.

٤ ـ النهج الوضاح في الأحاديث الصحاح.

٥ ـ كتاب جامع الأخبار.

١٠

( مؤلفاته في الرجال )

١ ـ خلاصة الأقوال في معرفة الرجال.

٢ ـ كشف المقال في معرفة الرجال.

٣ ـ إيضاح الاشتباه في أسماء الرواة.

٤ ـ تلخيص الفهرست.

( مؤلفاته في الأدعية )

١ ـ الأدعية الفاخرة المنقولة عن الأئمة الطاهرة.

٢ ـ منهاج الصلاح في اختصار المصباح.

( مؤلفاته في العلوم العربية )

١ ـ كشف المكنون من كتاب القانون في النحو.

٢ ـ بسط الكافية.

٣ ـ المقاصد الوافية بفوائد القانون والكافية في النحو.

٤ ـ المطالب العلية في علم العربية.

( رسائل في أجوبة المسائل )

١ ـ جواب مسائل مهنا بن سنان المدني الأول وهو هذا الذي بين أيدينا وقد جادت بطبعه قريحة بعض المؤمنين رفع الله سبحانه شأنه وثبته على الطريق السوي وعرف بينه وبين سيد الوصيين أمير المؤمنين عليه‌السلام.

٢ ـ جواب مسائل مهنا بن سنان الثاني.

٣ ـ رسالة مختصرة في جواب سؤال السلطان محمد خدابنده عن حكمة النسخ في الأحكام الشرعية.

١١

٤ ـ رسالة في جواب سؤالين سأل عنهما الخواجه رشيد الدين فضل الله الطبيب الهمداني وزير غازان خان.

( مؤلفاته في الفضائل )

١ ـ كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام.

٢ ـ جواهر المطالب في فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

( مؤلفاته المتنوعة )

١ ـ مختصر شرح نهج البلاغة.

٢ ـ شرح الكلمات الخمس لأمير المؤمنين عليه‌السلام في جواب كميل ابن زياد.

ترجمة مهنا بن سنان باختصار

هو مهنا بن سنان بن عبد الوهاب بن نميلة بن محمد بن إبراهيم بن عبد الوهاب قاضي المدينة ابن الأمير أبي عمارة المهنا الأكبر ابن الأمير أبي هاشم داود بن الأمير أبي فليتة أحمد بن القاسم شمس الدين بن أبي علي عبيد الله بن أبي الحسن الطاهر بن أبي الحسن يحيى النسابة ابن أبي الحسن جعفر الحجة ابن أبي علي عبيد الله الأعرج الأول ابن الحسين الأصغر ، هو نجم الدين الجعفري العبيدلي الحسيني المدني.

قال العسقلاني في الدرر الكامنة ج ٤ ص ٣٦٨ ( مهنا بن سنان بن عبد الوهاب ابن نميلة الحسيني الإمامي المدني قاضي المدينة ، اشتغل كثيرا ، وكان حسن الفهم جيد النظم ، ولأمراء المدينة فيه اعتقاد ، وكانوا لا يقطعون أمرا دونه ، وكان كثير النفقة ، متحببا الى المجاورين ، ويحضر مواعيد الحديث ، ويترضى عن الصحابة إذا ذكروا ويتبرء من فقهاء الإمامية ، مع تحقق المعرفة ، وحسن المحاضرة ، ومات سنة ٧٥٤ ).

١٢

ويظهر من كلام العسقلاني أنه كان من الإمامية ، وحيث كان قاضيا زعيما تخضع له الأمراء والسواد فكان يتقي في مذهبه أشد الاتقاء. ويدعم هذا الزعم ما وصفه به شيخنا العلامة قدس الله روحه الطاهرة في اجازتيه التي منحها للمترجم واجازة من شبل العلامة الشيخ فخر المحققين وقد استوعبت مدحا كثيرا وثناءا جزيلا.

قال شيخنا الطهراني في طبقات أعلام الشيعة في المائة الثامنة ص ٢٢٤ ( والإجازات كلها موجودة فيها المدح والثناء الكثير ، ويظهر منها أنه كان مرجعا للاحكام والقضاء في المدينة ، ولما زار العتبات بالعراق كتب المسائل المهنائية ( ذه ـ ٢٣٦ ـ ٢٣٩ ) وأرسلها إلى العلامة ، فأجاب عنها العلامة وقد قرأ السائل الجوابات على العلامة بداره في الحلة سنة ٧١٧ كما في نسخة ـ عبد الحسين الحجة بكربلا ـ وقد وصف العلامة السائل في أول جواب المسألة الأولى بقوله وبعد رجوعه إلى المدينة سأله الشيخ عز الدين بن نور الدين علي أبي سعيد أن ينسخ المسائل والجوابات له فنسخها صاحب الترجمة ، ومن نسخته انتشرت النسخ ).

وقال العلامة في جواب المسائل الثانية ( سيدنا الكبير الحسيب النسيب النقيب ، المعظم المرتضى ، مفخر آل طه ويس ، جامع كمال العمل والعلم المتصف بصفة الوقار والحلم نجم الملة والحق والدين مهنا بن سنان بن عبد الوهاب الحسيني أحسن الله اليه وأفاض من بركاته عليه بالإجازة والرواية ).

١٣

وقال العلامة في جواب مسائله الثالثة ( لله الحمد. لما كان امتثال أمر من يجب طاعته ، وتحرم مخالفته من الأمور الواجبة والتكاليف اللازمة ، سارع العبد الضعيف حسن بن يوسف بن مطهر اجابة التماس مولانا السيد الكبير الحسيب النسيب المرتضى الأعظم ، الكامل المعظم فخر العترة العلوية ، سيد الأسرة الهاشمية ، أوحد الدهر وأفضل العصر الجامع لكمالات النفس والمؤيد بنظره الثاقب الى حضرة القدس نجم الملة والحق والدين ، أعانه الله على المستعدين ببركة أنفاسه الشريفة وأدام عليهم نتائج مباحثه الدقيقة اللطيفة ، وما تلطف به من الاعتذار فهو من جملة تطولاته وإحسانه وتكرماته وامتنانه ، فان الواجب على من يعتقد بقلبه الايمان السعي إلى بين يديه وتقبيل قدميه. ).

هكذا يعرف شيخنا العلامة العظيم ابن المهنا رضوان الله تعالى عليه ويظهر من مطاوي الأسئلة وجواباتها انه كان من العلماء والمحققين وكان من الشرفاء المهتدين وكانت له منزلة كبيرة عند العامة والخاصة وكان إماميا عدلا ثقة الا أنه كان يتقي من أبناء زمانه.

هذا ما توصلنا اليه من ترجمة السيد المهنا بن سنان تغمده الله برحمته.

وفي الختام أبتهل الى الله المنان أن يتقبل سعيي وسعي من بذل وسعى في طبع هذه الرسائل الثلاث وجعل ذلك ذخيرة ليوم المعاد ووفقني للسعي لطبع سائر كتب مشايخنا الأعاظم القدماء واحياء آثارهم التي هي مفخرة الأزمان.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

٢ ربيع الثاني ١٤٠١ ـ قم

محيي الدين الممقاني

١٤

أجوبة المسائل المهنائية

( الاولى )

١٥
١٦

بسم الله الرحمن الرحيم

مسائل ورسائل من العبد الفقير إلى رحمة ربه مهنى بن سنان بن عبد الوهاب الحسيني غفر الله له ولوالديه وللمؤمنين ، إلى الشيخ الإمام العلامة جمال الدين ابى منصور حسن بن يوسف بن علي بن مطهر الحلي قدس الله روحه ونور ضريحه ، وأجاب عنها رحمه‌الله وقرأها عليه ، فنظرها رحمه‌الله عند الاجتماع به في الحلة المحروسة سنة سبع عشرة وسبعمائة ، فلما سألني أفقر عباد الله وأغناهم به الراجي عفو ربه وغفرانه عز الدين بن نور الدين علي ابن سعيد رزقه الله كمال التوفيق ، وسلك بتأدية أسهل الطريق أن انسخها له فأجبته الى ذلك لحبه العلوم وأهله ، عامله الله وإيانا بفضله. وكتب السؤال والجواب والوسائل على صورتها من غير زيادة ولا نقصان. وبالله المستعان وعليه التكلان.

المملوك مهنى بن سنان بن عبد الوهاب الحسيني يقبل أبواب الحضرة العالية العاملية العابدية الزاهدية الورعية الناسكية الجمالية لا زالت تقبل وتخدم ولما كانت الحضرة الجمالية قد كملت فضائلها وحسنت شمائلها وظهرت دلائلها

١٧

فاشتهر فضلها عند الفاضلين ، وعم ذلك أهل الحجاز ، وكان المملوك ممن سمع ذلك فطرب وأثنى وما شرب ، فكان كما قال الشاعر :

ولما بدا لي ذكركم في مسامعي

تعشقكم قلبي ولم يركم طرفي

فكان المملوك يود أنّه يقضي في الحضرة الجمالية عمره ويفوز بخدمتها دهره ، لكن حالت حوادث الأيام دون هذا المرام ، فلما أذن الله سبحانه للمملوك بالاسعاد ، وسهل طريقه الى هذه البلاد وأوصله بفضله الى بغداد ، فلما قرب من الحضرة الجمالية زاد شوقه إليها ، وتمنى أن لا يكون حط رحله الا عليها ، لكن المملوك له ببغداد علاقة ، وهو مستلزم بمن معه من الرفاقة.

وكان في خاطر المملوك مسائل يود أن لو وصلت الى الحضرة الجمالية وكان يحول دون ذلك بعد البلاد القاصية ، فلما تصدق سبحانه على المملوك بقرب الديار ، وانجلى ظلم الليل بضوء النهار ، كتب المملوك الى السيد بعض ما كان يحتاج اليه لعرضه بين يديه ، ونسي المملوك كثيرا وما سطره ، ( وَما أَنْسانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ) (١).

فسير المملوك هذه الكراريس وهو يسأل من صدقات مولانا النظر الى ما فيها بعين الإغضاء والمسامحة ، فإن المملوك ليس هو من أهل المكافحة ، ولكنه سائل متعلم ، وبأذيال أهل العلم ملتزم ، وفي ضمن الكراريس عدة مسائل يشرفها مولانا بالجواب ، فيفوز بالعلم ويفوز مولانا بالثواب ، وليكن ذلك بخط يده العالية وعبارته الشافية ، ليعد ذلك المملوك أفضل ما ظفر به بعد زيارة المشاهد المشرفة في سفرته ، ويفتخر بذلك بين أهل سيرته ، وقد أكثر المملوك وجاء في سؤاله بالغث والسمين ليستخرج بذلك نفائس الجوهر الثمين ، وما مثل المملوك لهذه المسائل إلا كما قال بعض الأوائل ( شعر ) :

__________________

(١) سورة الكهف : ٦٣.

١٨

ظفرت بالكنز فاحمل من نفائسه

وقد وقفت ببحر العلم فاغترف

مع أن المملوك لا بد له إن شاء الله من التمثل بين يدي مولانا مشيعا على الاقدام ، فإن السعي إليه من واجبات الإسلام كما قال بعضهم ( شعر ) :

تمام الحج أن تقف المطايا

على ليلى ويقرئها السلام

لكن سيّر المملوك المسائل إلى الحضرة العالية لأجل ثلاثة أشياه :

أحدها ـ ان المملوك عند النظر إلى سيدي يحصل له من الفرح والسرور ما يغنيه عن طلب الزيادة ، لأن النظر الى وجه العالم عبادة.

الثاني ـ أنه يخشى أن يعرض له النسيان لما هو ذاكره الان.

الثالث ـ أنه لا يدري هل يطول في جوار الحضرة العالية المقام أو تمنعه من ذلك حوادث الأيام ، فوجبت المبادرة الى هذا لأنه من أهم الواجبات ومن أعظم القربات.

أنهى المملوك ذلك ، والحمد لله وحده ، وصلى الله على سيدنا محمد وصحبه وسلم ، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

* * *

فيقول العبد الضعيف الفقير الى الله تعالى حسن بن يوسف بن علي بن المطهر الحلي :

بعد حمد الله تعالى على آلائه ، والشكر له على جزيل نعمائه وحسن آلائه ، والصلاة على أشرف أنبيائه محمد المصطفى ، وعلى المعصومين من أبنائه.

فإن الله سبحانه ميز نوع الإنسان عن غيره من أنواع الحيوان على تفاوت بين أشخاصه في الكمال والنقصان ، وخص بطرق الكمال أجل البرية محمد النبي وعترته المرضية صلوات الله عليهم أجمعين صلاة باقية الى يوم الدين.

١٩

ولما كان من سلالة تلك الذريعة العلوية وأولاد العترة الهاشمية من كملت نفسه في قوتيها العلمية والعملية ، وهو السيد الكبير النقيب الحسيب النسيب المعظم المرتضى ، فخر السادة وزين السيادة ، معدن المجد والفخار والحكم والآثار ، الجامع للقسط الأوفى من فضائل الأخلاق ، الفائز بالسهم المعلى من طيب الاعراق ، مزين ديوان القضاء بإظهار الحق على المحجة البيضاء عند ترافع الخصماء ، نجم الملة والحق والدين مهنى بن سنان الحسيني القاطن بمدينة جده رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، الساكن مهبط وحي الله سيد القضاة والحكام رئيس الخاص والعام ، شرّف أصغر خدمه وأقل خدامه برسائل في ضمنها مسائل دالة على جودة قريحته ، وكمال فطنته ، وكشف عن حدسه الصائب وفكره الثاقب ، طالبا لجوابها المشتمل على دخول الدار فمن غير بابها ، واقتضت حكمين متنافيين وقولين متضادين حسن الأدب وإساءته ، فامتثلت باعتبار طاعة السائل وعدم مخالفته ، وقد غلب ذكر الجواب تحصيلا للذة الخطاب ، فان وافق نظره الشريف فهو المطلوب والا فهو أولى من ستر العوار.

مسألة (١)

ما يقول سيدنا الإمام العلامة أحسن الله اليه وأسبغ نعمه عليه في المؤمن هل يجوز أن يكفر والعياذ بالله من بعد ايمانه أم لا يجوز ، وما حجة من يقول انه لا يكفر مع قوله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ) (١) وقوله تعالى ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ ) (٢) فأثبت سبحانه الايمان في هاتين الآيتين الكريمتين وأشباههما

__________________

(١) سورة النساء : ١٣٧.

(٢) سورة آل عمران : ١٠٠.

٢٠